وصفت الكاتبة والناقدة الدكتورة ميساء الخواجا، ل«الجزيرة الثقافية»، علاقة التلقي بشيوع فن من الفنون الأدبية جماهرياً، و(الرواية)، تحديداً، بأن منشأ هذه العلاقة ينطلق من المستوى الذي تنطلق منه الكتابة نفسها، بمعنى: التوجه إلى كتابة «نمط»، معين، على مستويين، الأول: على مستوى الجنس الأدبي، أما الآخر فعلى مستوى نمط معين ضمن الجنس الأدبي الروائي، مؤكدة (الخواجا)، على أن «التلقي» يلعب دوراً مهماً في شيوع فن من الفنون الإبداعية، مقارنة بآخر؛ قائلة: لذا نجد الرواية تبعاً للتلقي رائجة الحضور، بل واستطاع التلقي أن ينتج لنا (نمطا) معينا من الرواية، ما يجعل من بعض الكتاب يتجه إلى لمخاطبة فئة من القراء الذي يرى أنهم استهلاكا لهذا النمط من الكتابة مقارنة بغيره، ما شكل بما يمكن وصفه بالموضة! بصرف النظر عن جودة العمل، طالما أن منطلق الكاتب وجود القارئ «المستهلك». أما على مستوى ظاهرة التلقي، من حيث المقروئية وتصنيف القارئ، قالت ميساء: هناك القارئ النوعي الجاد الواعي بما يقرأ، وسيظل موجودا ضمن خارطة المقروئية في كل فن؛ بينما القارئ المستهلك، قارئ يبحث عن نمط ما من الكتابة، التي نشاهد شواهدها ماثلة للعيان فيما نجده من منتج كتابي ضمن الفكرة السائدة بأن الرواية أصبحت ديوان العرب، أو حتى الديوان العالمي، التي تعكس مضامينها التوجه لمستهلكين لما تعرضه رفوف المكتبات، التي تعكس لنا أن طبيعة «التلقي»، التي يعيشها المشهد استدرجت هذا النمط الاستهلاكي من الكتابة، وشجعت فئة من الكتاب إلى مخاطبة «السوق»، بهذا المنتج «الروائي»، تحديداً، الذي نلاحظ تدفقه على رفوف المكتبات. وعن مستوى العقدة (المركبة) لتنامي علاقات ظاهرة التلقي لفن أدبي، الذي نعيش ضمن سياقاته تلقي «السرديات»، تأليفا، ونشرا، وقراءات نقدية، وانتقال الظاهرة من المقروئية إلى حالة «السوق»، بوصفه صورة لمحطة استهلاكية، قالت الخواجا: من أسوأ ما يمكن أن تفرزه ظاهرة هذا النوع من التلقي، هي تحول الكتابة «الإبداعية» إلى كتابة «مخاطبة السوق»، في صورة استهلاكية طرفيها في الاستهلاك كاتب وقارئ، لأن هذا الخطاب يتجه إلى قراء الاستهلاك الكتابي، لا القراء النوعيين، وكأننا في هذه الحالة في مواجهة مع اتفاق «ضمني»، بين نوع من الكتّاب وبين نمط من القراء!. وللاقتراب تحديداً من نوعية التمقلي المستهلك، للتعرّف على معالم هذه الفئة الاستهلاكية بوجه عام، قالت الخواجا: أبرز الملامح الظاهرة لهذا الاستهلاك أن هذا اللون من الكتابة يستهدف القراء الشباب «المستعجلين»، في التعاطي مع القراءة، والذين لديهم الميول إلى هذا (النمط) من البحث عن نمط معين أبرز ملامحه الإثارة في الرواية تحديدا، في قراءة عابرة سريعة لسطوح النصوص، دون ربطها بسياقات معينة يتطلبها الوعي بالكتابة، ودون اهتمام بخلفيات ذات صلة بمجال الموضوع وأدوات الكاتب، وفنيات الكتابة، مستدركة (ميساء)، في هذا السياق، بقولها: أنا هنا لا أعمم الظاهرة الاستهلاكية للكتابة ولا الاستهلاك في التلقي فيما يتصل بفئة «الشباب»، فمنهم الكاتب الواعد والجيد، ومنهم أيضاً المتلقي الواعي، والقارئ النوعي. كما وصفت الخواجا، «المدى»، الذي يمكن أن تظل معه هذه (الموضة)، متنامية فيه، بقولها: ما نوال نشهد التلقي (الروائي)، مقارنة بسائر الفنون الأخرى، وإذا ما أعدنا المقارنة بين الرواية بوصفها الديوان «المرحلي»، كما يصفها البعض، بالديوان «القديم» الشعر؛ فلأنه ربما لأن الرواية تسمح بمخاطبة القارئ بصورة مختلفة، وتسمح - أيضا - بالكثير من التفاصيل، وبنوع من المشاركة بين العمل الروائي والقارئ، بينما نجد أن الشعر مختلف، وبالتالي يحتاج إلى قارئ مختلف تماما، إلا أن قارئ الشعر سيظل موجوداً، إلا أننا مضطرون أمام حالة التلقي (الراهنة)، أن نعترف بأن الرواية رائجة بشكل أكبر، ومنفردة في التنافسية على المقروئية مقارنة بالفنون الأخرى.