عبر عدد من المثقفين عن حزنهم العميق لرحيل الأديب الكبير الرائد عبدالفتاح أبومدين، مشيدين بما قدم للثقافة وللصحافة في بلادنا، وما قدمه للمكتبة العربية من مؤلفات ستظل مرجعًا لأجيال قادمة، لما تتميز به من عمق الفكرة، وجمال الأسلوب، وحسن العرض، وثراء المعرفة، وحسن التناول، وشمولية ما قدمه عبدالفتاح أبو مدين إلى القارئ المحلي والعربي، من دراسات ومؤلفات، ومشاركات منبرية. د. عالي القرشي: صاحب عمل مؤسسي لا أملك أن أقول في هذه اللحظات التي توفي فيها أستاذنا عبدالفتاح أبو مدين إلا أن أسأل الله له الرحمة وندعو له دائمًا لأن له كلمات نذكرها ومن أشهرها: الثقافة مغرم وليست مغنمًا، كان كريماً مضيافًا في نادي جدة الأدبي وأيضًا كان لا يخشى في الحق لومة لائم، جريء في عمله وقد خطا النادي على يديه خطوات جيدة، استطاع أن يفعِّل في النادي ما لم تستطعه الجامعات والمؤسسات الثقافية، جعل من نادي جدة قبلة للرواد من مشارق الأرض ومغاربها. أحمد عايل فقيهي: حتى آخر لحظة الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين أستاذ جيل، رجل له بصمة في الحياة الثقافية ونادي جدة الأدبي بالتحديد، ومن خلال مسيرته في الحياة الثقافية ككاتب وباحث، ويعد من رواد الثقافة في بلادنا، كرم في عدة من مواقع من أبرزها الجنادرية، له تأثير على جيل أنا واحد منهم من خلال نادي جدة الأدبي، كان النادي بالنسبة لنا بيتنا الثقافي والأدبي بدءًا من محمد حسن عواد إلى كل الذين تسنموا رئاسته، كان أبو مدين إلى جانب ذلك رجل له مؤلفات وتصانيف أدبية وثقافية وظل لآخر لحظة وهو يكتب. د. عاصم حمدان: أديب الصحافة! يعد المرحوم الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين إحدى الشخصيات المهمة والمؤثرة في الحركة الصحافية والثقافية والأدبية، لقد جمع بين فني الصحافة والأدب ويعد البقية من جيل الرواد ولقد أسس في مدينة جدة أول صحيفة هي الرائد في الحقبة المعاصرة في جدة، كما أسس جريدة الأضواء بجهوده وجهود رفيقه المرحوم محمد سعيد باعشن، كان لأبي مدين صوت مرتفع في الساحة الأدبية والثقافية، فلقد احتضن حركة الحداثة في الثمانينيات الميلادية ولاقى عنتًا كبيرًا من هذا الاحتضان وإن لم يكن هو حداثي في تفكيره ولكنه أراد أن يفتح الباب أمام هذا الصوت القادم، وبالعودة إلى الوراء قليلاً نجده طالبًا على رغم كبر سنه في مدرسة العلوم الشرعية في المدينةالمنورة وأخذ عن أستاذين فيها هما: الأستاذ والمحقق عبدالرحمن عثمان والد الشاعر أسامة عثمان -رحمه الله-، وكذلك عن الشيخ محمد الحافظ الذي كان حجة في رواية التاريخ والأدب، التقيته في ثلوثية قبل عدة أشهر وسألته عن أساتذته في المدينة فقال بصوت متهدج يكفيني أنني أخذت عن العلمين الكبيرين عبدالرحمن عثمان والحافظ، واليوم تفقد الساحة الأدبية أحد مرجعياتها ورموزها الذين عملوا على نشر الوعي الفكري والثقافي الأصيل في بلادنا والعزاء لأهله وأسرته الكريمة ومريديه و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} البقرة 156. د. سعيد السريحي: النبيل العصامي عرفت الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين رئيسًا لنادي جدة الأدبي وعرفت قبل ذلك أنه كان مؤسسًا لصحيفة في زمن لم تكن فيه الصحافة بهذا اليسر الذي نعرفه اليوم، وعرفته أنه كان مشرفًا على عكاظ ومديرًا لصحيفة البلاد، عرفته أنه كان رجلاً مؤسسًا، تعلمت منه كيف يكون الرجل مناضلاً في سبيل الثقافة قادرًا على العطاء غير منتظر لأي مكاسبب وكان يقول: الثقافة مغرم وليست مغنمًا، اتسم عمله بالإخلاص فيما يعمل، عرفته رجلاً لا يخشى في الثقافة لومة لائم، بقي أبو مدين رجلاً شجاعًا مناضلاً، -رحمه الله- فقد رحل وترك لنا أن نتعلم من نبل مواقفه ومن صدق كل حرف كتبه واحتوته كتبه. د. عبدالله غريب: المرجع التنويري كان مرجعًا في بعض ما يتعلق بالإصدارات الأدبية للتدقيق اللغوي والمحتوى حيث تحال له بين فترة وأخرى وقد زارنا عدة مرات في النادي وحضر بعض أنشطته بدعوة من رؤساء النادي الشيخ المليص -رحمه الله- والشاعر حسن الزهراني وكان أبو مدين من القراء النهمين وهذا ما جعله يتصدر هذه الفئة رغم كبر سنه إلا أنه كان حريصًا على القراءة ومع صراعه للمرض لم يثنه هذا الهم وقد صدر له اثنا عشر مؤلفًا أبرزها (في معترك الحياة وكتابه وتلك الأيام وحكاية الفتى مفتاح وهؤلاء عرفت وأيامي في النادي) رصع بها جبين المكتبة العربية ومن فضل الله أن تم تكريم هذا العلم الإعلامي الثقافي الأدبي عام 2009م في مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث وحظي بتكريمات أخرى هذا الرمز الذي فقدته الساحة الثقافية حظي بتكريم الدولة في الجنادرية 33 العام المنصرم حيث أتيحت لي الفرصة بأن نسافر أنا وهو وزوجته أم وديع من جدة وطلب مني التقاط صورة سيلفي تذكارية وكأنه يعلم بأن ذلك العام عام وداع للرياض العاصمة، إِذ تشرف بالسلام على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في حفل افتتاح المهرجان وتسلم منه وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى مع المكرمين وتحدَّثت معه في أثناء الرحلة بين جدة والرياض، إِذ كان فرحًا شغوفًا متفائلاً بلقاء الملك سلمان واعتبرها منحة ربانية في هذا العمر أن يحظى من الدولة بهذا التكريم الذي قال عنه سيكون نقطة تحول في حياته وقد سبق لي أن زرته بصحبة مدير عام الأندية الأدبية د.أحمد قران والشاعر علي المنكوتة وحرصنا على زيارته في مرضه مؤخرًا أكثر من مرتين، لكن مع الأسف لم نتمكن بحسب التنسيق مع ابنه وديع ولكن قدر الله وما شاء فعل والحمد لله هذا الرجل الذي فقدته المملكة اليوم هو ثاني رجل تربع على كرسي رئاسة النادي الأدبي في جدة بعد تأسيسه ولمدة ربع قرن وقد كان له بصمة بعض ما اشتهر به النادي على الساحة الأدبية ومنها (مجلة علامات النقدية ومجلة الراوي في القصة ومجلة عبقر ومجلة جذور في التراث ومجلة نوافذ في الترجمة) أبو مدين كان مرجعًا وقد شارك في محاضرات وندوات صاحب تجربة ثرة في مجال الصحافة والأدب والثقافة واليوم تطوى صفحة من صفحات شموس هذا الوطن بغياب أحد رجال الساحة الأدبية بموت الأديب (أبو وديع) الذي كان له تلامذته ومريدوه ثقافيًا وصحافيًا وكان له علاقاته الخاصة والعامة مع الأوساط التنويرية إِذ يعد أحد أبرز وجوه التنور والحداثة في المملكة وكان وطنيًا يحب الوطن بعمق تجربته وولائه لقيادته فرحم الله أبا مدين وحق لنا أن نعبر عن حزننا الشديد على فقده إِذ تبوأ مكانة في القلوب فله منا الدعاء بالمغفرة والرحمة ونعزي الوطن بفقده. د. هاشم عبده هاشم: الأديب الشمولي عرفت أبا مدين في أوائل الثمانينيات الهجرية وعملت معه في مجلة الرائد وحظيت بكثير من دعمه وتشجيعه مع بدايات ممارستي للعمل الصحفي وكان نعم الموجه والمعين. كما تعاملت معه مباشرة عندما أصبح مسؤولاً عن العدد الأسبوعي من جريدة عكاظ المتميز بعمقه الثقافي وباهتماماته الواسعة، عرفت فيه رجلاً قويًا وصاحب مبادئ ومواقف أصيلة. وكان مرجعًا في التراث العربي وفي اللغة كما كان شخصية مترفعة وبعيدة عن النفاق والتلون وصاحب موقف.. شهد النادي الأدبي بجدة في عهده قفزات هائلة وصدرت عنه عديد من الدوريات العلمية والأدبية والبحثية المتميزة كما فتح أبوابه للتواصل مع المثقفين العرب وكان ساحة للحوار والنقد والطرح الخلاق للأفكار بصورة غير مسبوقه. لديه مكتبة غنية بالمراجع وشغفه بالكتابة والتأليف لم يتوقف وآخر عمل كان يعكف على إنجازه هو نشر أبحاثه ودراساته المعمقة وبالذات المنشورة في الدوريات العربية وفي العدد الأسبوعي من عكاظ، رحمه الله رحمة الأبرار ويسكنه الجنة، ومني لابنه وديع وكافة أفراد الأسرة أخلص العزاء وأعظم المواساة بل هي للوطن كله. د.عبدالمحسن القحطاني: علّم نفسه بنفسه رحم الله أخي وصديقي أبا وديع، رجل عرف العصامية وعاشها، علم نفسه بنفسه، شق طريقه بصعوبة، فأعطته الصعوبة مزيدًا من الإنتاج وعمقًا في الثمرة، له أوليات في الصحافة، وأنواع في الكتابة، كتب في الأدب والنقد والسيرة، وله مع تاريخ التجربة ما وثقها عبر كتبه، صحبته سنوات في نادي جدة الأدبي، كان صامتًا بإنجاز، لا ترى فيه شططًا في القول ولا إعوجاج في الحديث، منجز في عمله مستفيد من آراء زملائه، يدعم من يعمل معه، أعزي أسرته وعائلته والثقافة والمثقفين وجميع أحبابه، رحمك الله أبا وديع وهو فوق ذلك كله لم يتوقف عن العطاء يكتب ويحاضر بصبر وجلد على القراءة والكتابة، أوقف حياته على طلب المعرفة، كتبه تنطق عنه، ولو تتبعت حياته لوجدت الجد يغشاها والصمود يديرها، والإنجاز يلفها هذا هو أبو وديع. علي الشريف: صاحب الفضل رحم الله أستاذنا الأديب الكبير عبدالفتاح أبو مدين الذي ألهمنا بحسه وتواضعه أن نزاحم الأدباء والشعراء ونحن في بواكير شبابنا وصقل موهبتنا، أبو مدين كان رائدًا بحق وأحد جيل العمالقة الذين لحقنا بهم ونهلنا من أدبهم ونلنا رعايتهم وتقديمهم وتشجيعهم ودعمهم وشهادتهم (قدمني عام 1410 ه وأنا طالب في المرحلة الثانوية كشاعر مبتدئ في محاضرة الأستاذ الأديب والشاعر الكبير فاروق شوشة -رحمه الله-) اللهم تقبله في الصالحين وأنزله منازلهم برحمتك ولطفك يا كريم. عبد العزيز الشريف: ربان أدبي جدة يعد الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين أحد الرواد الكبار الذين تزين بهم المشهد الأدبي والإعلامي والنقدي وتفانوا في هذا المشهد عطاءً وفكرًا، وهو أول من أصدر صحيفة «الأضواء» في مدينة جدة مع زميله ورفيقي دربه ومرحلته محمد سعيد باعشن ومحمد أمين يحيى، عمل رحمه بالعمل الصحفي رئيسًا لصحيفة البلاد فكانت مرحلته من أهم مراحل هذه الصحيفة عطاءً ونتاجًا وتأثيرًا ثم كانت محطته الأدبية في نادي جدة الأدبي وفي هذه ا لمرحلة مسيرته الثرية، عرفت راحلنا ورائدنا، وأنا في بداية حياتي الصحفية بجريدة البلاد وكان -رحمه الله- يتحمل متابعتي الصحفية وحواراتي معه التي لا تخلو من فورة الشباب ولكنه كان يتعامل معنا كإعلاميين بروح الأب المربي، أتذكر أنني عملت معه حوارًا مطولاً لملحق روافد ولم أشعر إلا وهو في الجريدة يسأل عني، كان الوقت ظهرًا وكان حضوره -رحمه الله- لمتابعة وقراءة الحوار قبل النشر وهذا درس قدمه لي في معنى الالتزام، ولقد شهد نادي جدة الأدبي في عهده قفزات في النشاطين المنبري والطباعي، فقد استضاف النادي زمور الفكر العربي وقمم النقد والشعر ووصلت مطبوعات النادي للوطن العربي، كجذور، ونوافذ، وعلامات، ونوافذ. وأسس ملتقى «النص» الذي مازال يقام كأحد الملتقيات المهمة، فلقد أثرى الرائد عبدالفتاح أبو مدين الساحة الفكرية والأدبية السعودية بما يزيد على عشرين مؤلفًا ما بين السيرة الذاتية والنقدية والفكرية، منها: الفتى مفتاح، في معترك الحياة، حمزة شحاته ظلمه عصره، أيام في النادي وغيرها وغيرها، رحم الله أستاذنا الكبير الرائد عبدالفتاح أبو مدين.