أكد معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني تفرُّد القضاء السعودي عن غيره، وأنه أثبت فاعليته وسرعته ونفاذه؛ كونه يستمد سلطته من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وهما الحاكمان على النظام الأساسي للحكم، وعلى جميع أنظمة الدولة. لافتًا إلى أن القضاء ليس مقصودًا لذاته، وإنما وسيلة لتحقيق العدالة. جاء ذلك خلال محاضرة علمية بعنوان «القضاء في المملكة العربية السعودية» ضمن لقاءات المعهد العالي للقضاء في مبنى المؤتمرات بالمعهد، بحضور معالي مدير جامعة الإمام الدكتور أحمد العامري، وجمع غفير من أساتذة وطلبة الجامعة والمهتمين، وقدمها عميد المعهد عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبد السلام السليمان. وثمّن معالي الدكتور الصمعاني الدعم الذي يلقاه المرفق العدلي من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -والمتابعة الحثيثة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله -، ولاسيما ما يتعلق بالتطوير والسرعة والجودة. وشدّد على أن هذا الاهتمام يُلقي بمسؤولية كبيرة على القائمين على المرافق العدلية، والقضاة على وجه الخصوص، وأيضًا على المؤسسات العلمية الداعمة التي في طليعتها جامعة الإمام والمعهد العالي للقضاء. وأوضح أن التطور الهيكلي للقضاء بدأ منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز إلى عام 1428ه حين صدر نظام القضاء الحالي، الذي تحوّل بموجبه القضاء إلى قضاء مؤسسي بدلاً من ربطه بأشخاص القضاة، وهي من المسائل المهمة التي قُصد بها تحقيق العدل بطريق الشرع بوسائله المتمثلة في الإجراءات النظامية لضمانة الاستقلال وفقًا للاعتبار الشرعي، وضمن الإطار المحدد للقضاء. وأكد أن التدريب ليس واجبًا على القاضي فحسب، بل هو حق للمتقاضين عليه، أن ينال من يفصل في منازعاتهم القدر الكافي من التأهيل والتدريب؛ لكي يضمن الوصول إلى حكم فاصل في المنازعة محققًا العدالة. وأضاف: «كما أنه من المهم أن يكون التدريس الأكاديمي مبنيًّا على أهداف واحتياجات العمل، كذلك يجب أن يكون التواصل بين الجامعات والمرفق العدلي على أعلى مستوى في مجال البحوث والتدريب والتأهيل؛ وهو ما يجعل الجامعة محتاجة، وكذلك الجهات العدلية، إلى التكامل فيما بينها». وأكد الدكتور الصمعاني أن مبدأ الاستقلال المنصوص عليه في النظام الأساسي للحكم له أهمية بالغة لدرجة أنه لا يوصف العمل القضائي بأنه قضائي إلا إذا توافرت فيه ثلاثة عناصر: وجود المنازعة، إجراءات محددة وضمانات، ووجود هيئة مستقلة تفصل في المنازعة. موضحًا أن فقدان عنصر من تلك العناصر يُخرج العمل من دائرة العمل القضائي. وأضاف: الاستقلال ليس حقًّا للقاضي بل واجبًا عليه، وهذا الأمر نبَّه عليه الفقهاء؛ إذ أكدوا أن من أهم صور الاستقلال الكفاية العلمية للقاضي، وأن يحمي المنازعة من هوى نفسه، ولا يقبل التدخُّل في حكمه من أي أحد كان. ولفت إلى أن العديد من الأوامر الملكية شدَّدت على الاستقلال القضائي، وأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - كثيرًا ما يؤكد أنه ليس لأحد التدخل في القضاء. وردًّا على سؤال حول التوسع في منح السلطة التقديرية للقاضي قال الدكتور الصمعاني: إن هناك قضايا لا بد من منح القاضي سلطة تقديرية عند النظر فيها، وهي اجتهاد مشروط، وفي محلها، وشرطها ألا يخرج بها عن المعتاد، وهي وسيلة لتحقيق العدالة، خاصة في المسائل الجنائية. وشدد معالي وزير العدل على الدور الأساسي للقضاء في تحقيق متطلبات المتعاملين في جميع المجالات الاقتصادية، من خلال إيجاد قضاء عادل وناجز وشفاف. مضيفًا: «وهذا ما يدركه كل متعامل مع القضاء في المملكة، ومن ذلك ما حققه قضاء التنفيذ حتى في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة خارج المملكة».