ليس من السهل عليك أن تهذب نفسك وتصبح وصيًا حازمًا عليها. كما أنَّ حرمانها من اتباع هواها هو خنقٌ صريح لحريتك. استوقفتني مقاطع (سنابية) عظيمة للدكتور إبراهيم التركي، تحدث فيها عن الوعي والحرية وطرح سؤالًا شائكًا؛ عمَّا إذا كان الوعي يسبق الحرية أم أن الحرية تتطلب وعيًا مُسبقًا. آثرت الإجابة عبر هذا المقال لأسهب وأتجلّى في هذا النطاق. برأيي أن الحرية تأتي حين نملك وعيًا متقدمًا. الحرية دون الوعي ضياع، والوعي بلا حرية اختناق. قد تختنق بوعيك بينما تكبلك القيود، لكنك تبقى إنسانًا واعٍ بما يدور حولك. أما إن امتلكت الحرية بلا وعي فستغرق في غياهب جهلك، وقد تُستغل حريتك أغبى استغلال شهدته البشرية. يحدث أن تكون إنسانًا ذو فكرٍ نيّر وسليقةٍ فذة، تملك الاستعداد الجينيّ لتلقي ما قد يتقدم به وعيك. يحدث أن تحاصرك القيود المفروضة عليك حتى تُشلّ كليًا ولا تعد قادرًا على تنمية هذا الوعي واستثماره ليتقدم. وربما يتقدم بك العمر وأنت ما زلت في حرب استقلالك، لكن وعيك هو من يقودك للنجاة منها، لتعيش حريتك باتزان. في حين لو تزامنت القيود مع غياب الوعي فستبقى سجينًا تابعًا مدى الحياة. الحُرّ الواعي هو شخص مسؤول بينما الحرّ الجاهل هو قنبلة موقوتة قد تبيد العالمَ بجهلها. فالجهل هو العدو الأول للحرية والذي إن اقترن بها سيصعب تفادي الدمار، لذا علينا الاهتمام بتنمية الوعي أولاً حتى نكون لائقين بحريتنا التي يأتي بها وعينا. حتى الشعوب التي ثارت بحثًا عن حريتها، سقطت بعد الحصول عليها في براثن الجهل، فتفشت الحروب الأهلية والانقسامات الطائفية وعمّت الفوضى التي تمنوا بسببها أن يعود عهد القيود من جديد. عزيزي الباحث عن الحرية: ارتق بوعيك ووسع مداركك حتى تكون أهلاً لها. ** ** - حنان القعود