محدودية الفكر هي مرض العصر بلا شك فبكل نقاش نجد النظرة السطحية التي تهتم بالقشور دون النظر إلى جوهر الأمور. وهي أيضًا خمول ذهني باختيار الشخص. وكذلك بسبب التغذية الراجعة المحاطة داخل فكر كل شخص والتي ترفض كل فكرة جديدة. فمثلاً حينما تخبر إحدى الأمهات عن أهمية ترسيخ المبادئ والقوانين لأبنائها تسارع بجملة «كل الأماكن تربي» فالشارع يربي والمدرسة و إلخ لماذا أرهق نفسي بتثبيت هذه المبادئ؟ أيضًا حينما تخبر أحدهم عن أهمية قيادة المرأة ويجب على النساء جميعًا أن يتعلمن القيادة يُسارعك بأفكار نمطية بل «عاديّة» وعندما تحاول أن تناقشه يغلق الموضوع هاربًا. هذا النمط الفكري وبكل أسى عمَّ الأوساط. دون التفكير في المستقبل ودون التفكير هل هذا الحديث صحيحًا أم لا ؟. أيضًا مُحاربة كل جديد آتية من العدم ودون إعطاء العقل مُهمته في التفكير. المواضيع اليومية والمتعلقة في الحياة لا تؤخذ على عجل. وعلى الإنسان أن يمهل نفسه بعضا من الوقت ليفكر بأبعاد كل ما يريد. رغم التطور الحادث الآن وتوفر كل السبل للوصول إلى أفكار جيدة لا زال البعض قامعا نفسه بدوائر معينة يرفض أن يخرج منها. أصعب ما يصاب به المرء أن يظل ثابتا. لا شيء في هذه الحياة يحدث بسرعة، وكل الأشياء تحتاج دقة. ولكي يتحرر الإنسان من هذه الدائرة عليه توسيع مداركه وثقافته ويتجه نحو الاطلاع ويسعى للمعرفة في كل المجالات وأن يعطي الإنسان حق عقله بالتأمل والتساؤل ويحلل كل الأشياء من حوله. أن تستمر بسطحيتك فأنت تجني على نفسك وتقتل جمال الحياة. لا تتسرع في الحكم تأنَّ في إجابتك كُن منطقيًا في كل القضايا الخاصة والعامة. فالنظرة السطحية مؤشر خطير لفراغ الفرد من الحياة فستصبح الحياة بالنسبة له مجرد تمضية دون أن يشعر بقيمة الأشياء من حوله وستصبح قيمة الأشياء بعينه هي الانتماء فقط دون أن يستشعر بها. فنجد هؤلاء الأشخاص لا يشاركون في المواضيع التي تهم الوطن ولا المجتمع ولا يحاول أن يفهم أي أمر يتعلق بهذه الأمور. فعلى سبيل المثال «حكى الأديب «علاء الأسواني» ذات مرة موقفًا حدث له من شخص قام بسؤاله: هل ما تكتبه في رواياتك حقائق قد حدثت فعلًا؟ فرد الأديب: بالتأكيد لا؛ فالرواية لا تسرد حقائق، بل من وحي الخيال! ثم قال الرجل بعتاب: ولماذا تكتب أشياء غير حقيقية إذن؟» هنا لم يستشعر هذا الرجل قيمة الأدب ولا الخيال ولا الشعور. نسى أن الروائي قادر أن يخلق من مخيلته ما يبقى داخل النفوس ما لا تصنعه الحقائق ولا الواقع. فالمطالبة بالبعد عن التفكير السطحي هذا ليس إلا توضيحًا لأهمية التفكير والتعمق بالأمور للوصول للمستوى الأفضل والذي يتناسب مع كل زمن بزمنه. ** **