نجاح مواسم السعودية الحقيقي بالنسبة لي بعد إشاعة الفرح ونشر ثقافة الترفيه والبهجة في المجتمع كثقافة وحق أصيل، هو في مدى قدرتنا على إكساب أبناء الوطن الخبرة اللازمة لصناعة واستثمار المواسم القادمة في جولاتها الجديدة، ليكون المستثمر (رأس مال سعودياً) بالكامل، إضافة لتأهيل الكوادر البشرية اللازمة لقيادة هذا العمل، أرجو ألاَّ نخرج من موسم الرياض وهو آخر مواسم السعودية ال11 وأضخمها، بصورة تعزِّز وقوف الشاب السعودي ثانياً خلف الأجنبي في صناعة الترفيه والفرح والبهجة، علينا الاعتراف أنَّنا ندخل مُتأخرين إلى هذه الصناعة التي سبقنا إليها العالم، ولكنَّنا ندخل بمعايير ومقومات مُختلفة عن غيرنا، تمنحنا القوة والأفضلية لنقود المشهد ونصنعه من الداخل بشكل أكبر. فإذا كانت الدول والشعوب لجأت للترفيه اضطراراً لجذب رأس المال الأجنبي نتيجة حاجة وعوز مُنذ وقت مبكر، وكثقافة أصيلة عند تلك الشعوب أدت لاحتراف الفرق لديهم وازدهار تلك الصناعات، فنحن -ولله الحمد - ندلف إلى هذا الباب وفق رؤية وطنية طموحة لنطرقه اختياراً ورغبة في تنويع مصادر الدخل واستثمار ما في بلادنا من مقومات، وأيضاً لاستهداف المواطن الذي هو هدف مُعظم المناطق السياحية والترفيهية في العالم، وهو ما يتطلب مُراعاة سعودة الفكر والتشغيل واشتراط نسب وطنية حتى على الفرق الفنية والتقنية التي لا يمكن الاستغناء عنها، لأنَّ فرصة توطين الصناعة وإكساب المهارات مُتاحة هنا بشكل أقل كلفة، وأكثر جودة بالتطبيق على الأرض السعودية ووفق المقومات والظروف المُحيطة لبيئة العمل، وهذا مكسب لن يتأتى مهما ابتعثت من الطلاب والمُتدربين للخارج، وخصوصاً أنَّ عدد الشباب السعوديين المتعلمين والمتأهلين من أرقى الجامعات في العالم من الجنسين كبير جداً ويُساعد لبدء الخطوة، فلدينا الإمكانات المادية والبشرية، ونملك الرؤية والخطة بعزيمة لبلوغ الهدف، ما يعني أنَّ جميع عناصر النجاح المطلوبة مُتحقِّقة، لذا لا نستحق أن نقف في الصف الثاني طوال الوقت، بل علينا اكتساب الخبرة سريعاً للتحول للصف الأول قريباً فيما يخص الخبرات الفنية والتشغيلية التي تستحوذ النصيب الأكبر من الكلفة المادية، والتي فيها المكاسب الحقيقية. وجود السعوديين في التنظيم والتطوّع ووضوحهم في الشكل الخارجي للفعاليات خطوة جيدة ومُقدَّرة وبداية مُحفِّزة، ولكننا نعوِّل كثيراً على هيئة الترفيه بقيادتها الحالية وما تملكه من قبول وقدرة وإمكانات على منح السعوديين القدرة على الإنتاج الفني والتقني واكتساب الخبرات اللازمة، بل ودعم المشاريع السعودية للمؤهلين من أبناء وبنات الوطن، نحن لا نقل قدرة عن غيرنا، ونجاحنا الحقيقي هو في تكامل المشروع وطنياً في المستقبل وهو التحدي الذي يجب أن نتجاوزه، وأعني هنا الفرق الفنية والتقنية تحديداً، ولعلَّنا نستبشر بولادة الصندوق الاستثماري المختص بفعاليات الثقافة والترفيه والرياضة والسياحة الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين مؤخراً، ليحدث الفارق في تلك الصناعات. وعلى دروب الخير نلتقي.