لن يجد اليمنيون أدفأ من الحضن السعودي، وأصدق من اللسان والسياسية السعودية التي تتعامل معهم كأشقاء وجيران وامتداد اجتماعي وجغرافي طبيعي بين البلدين والشعبين الشقيقين، فالمملكة أثبتت عبر العصور والأزمنة ومُختلف الأزمات أنَّها صمَّام الأمان للشعب والحكومات اليمنية المُتعاقبة، لذا لم يكن التوصل لاتفاق الرياض وتوقيعه إلا تأكيداً على ذلك الدور والثقة التي تحظى بها السعودية وقيادتها في نفوس اليمنيين، حضور اليمنيين بمُختلف انتماءاتهم السياسية لتتويج اتفاقهم برعاية خادم الحرمين الشريفين، وحضور الرئيس هادي وسمو ولي العهد وولي عهد أبوظبي، يؤكد للعالم أجمع أنَّ السعودية تدعم الحوار مُنذ البداية وتدعو إليه للوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن، وفق الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، وبما يضمن لليمن الشقيق الاستقلال والسلام بعيداً عن التدخلات الإيرانية والأيادي الخبيثة التي تريد العبث باليمن ومقدراته. اتفاق الرياض يُمهِّد لحل سياسي قادم في اليمن، لأنَّه بمثابة الأرضية الصلبة التي يمكن أن يقف عليها كافة أبناء اليمن تمهيداً لانطلاق حل شامل مع توافق مكونات المجتمع اليمني ونجاحهم في نزع فتيل الخلاف بينهم، فقد أنهى الاتفاق بالفعل حالة الانقسام والصراع وتنازع السلطات التي شهدناها سابقاً، ووحَّد الجميع صفاً واحداً من أجل استعادة باقي التراب اليمني من المليشيات الإرهابية المدعومة من إيران، ومنع الانقلاب الحوثي واستعادة مفاصل الدولة وتقويتها أكثر، فالحوثي اليوم يعيش حالة من الصدمة والعزلة في الداخل اليمني بمثل هذا الاتفاق، الذي عرَّاه وحيداً ضد رغبة وتطلعات اليمنيين ومستقبلهم، إضافة لما يعانيه من ضعف وضبابية أصلاً مع ترنّح المشروع الإيراني الإرهابي في العراق ولبنان ورفض الشعوب العربية له وسأمها منه، لذا لم يعد أمام الحوثي إلا الرضوخ للسلام وإرادة الشعب اليمني والمجتمع الدولي للتوصل لحل شامل للأزمة في اليمن، أو مواجهة اليمنيين باتفاقهم الجديد، عندما يقفون في وجهه ووجه المشروع الإيراني الطائفي بقوة وصرامة أكثر. الترحيب الدولي بهذا الاتفاق من أمريكا إلى أقصى الشرق وتثمين الجهود السعودية المبذولة لنزع فتيل الفُرقة والخلاف وتوحيد الصف اليمني لتجاوز التحديات، هو بمثابة التأكيد على ما تبذله المملكة وقيادتها من أجل استقرار اليمن وضمان عودة شرعيته، ومنع الميلشيات المسلحة المدعومة من إيران من اختطاف اليمن بالحيلة والغدر والخيانة، لنا الحق في أن نهنئ بعضنا البعض بنجاح الجهود السعودية الكبيرة التي بُذلت من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي، الذي دعمه ودعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- ليغدو صفحة جديدة في مسيرة اليمن، تؤسس لمستقبل أكثر أملاً ووضوحاً، بالالتزام به وتطبيق بنوده، وجعله واقعاً معيشاً يلمسه المواطن اليمني على الأرض. وعلى دروب الخير نلتقي.