من هو المثقف لوجه الله الذي عناه جلال أمين في «مكتوب على الجبين»؟ كل من قدر له وقرأ كتاب جلال أمين الشيق «مكتوب على الجبين»، والذي يُعدُّ من كتب السيرة، وتناول فيه شخصيات عدة وصفها في مقدمة الكتاب بالألغاز، لا شك أنه وعند الوصول تحديدًا لعنوان «مثقف لوجه الله» قد أخذه التشويق وأسرع في تقليب الصفحات لمعرفة تلك الشخصية! فمن هو المثقف لوجه الله، وماذا كتب جلال أمين عنه؟! المثقف إياه تناوله (أمين) في الباب الثاني من كتابه والذي عنونه ب«الصبا والشباب»، حيث استعرض من خلاله قصصه وتجاربه وانطباعاته أثناء مزاملته لعدد من الشخصيات في الحياة العامة، لكن أكثر شخصية قد تلفت سيرتها انتباه قارئ الكتاب لن تخرج عمن رمز له ب«مثقف لوجه الله» والذي وصفه: «بالقارئ النهم والمثقف بامتياز، وزاد بأن وصف المثقف لا ينطبق على أحد ممن عاصرهم وزاملهم أكثر مما ينطبق عليه من حيث سعة المعرفة وتنوعها في مختلف الفروع كالثقافة والتاريخ والأدب والسياسة والاقتصاد حتى وصلت للمصطلحات الطبية! وأضاف بأن ذلك المثقف لديه ميزة فريدة من حيث أنه لا يقرأ ليكتب فقط كما يفعل معظم المثقفين، بل يقرأ ليعرف، فالمعرفة في نظره هدف ولهذا كان يجد -أمين- أن الفارق شاسعًا بينه وبين أي مثقف آخر. الأعجب من هذا كله -وبحسب وصف أمين- أنه وبرغم عدم سفر ذلك المثقف في تلك الفترة خارج مصر إلا أنه يكاد يعرف معظم الشوراع الرئيسة في لندن وباريس لكثرة ما قرأ في الروايات من وقائع تدور أحداثها هناك قبل أن يسهل له أمين موضوع السفر لاحقًا. واختتم أمين حديثه عنه مبينًا بأن «لديه مستوى في الدقة والاستقصاء عالٍ جدًا لدرجة أنه من شدة تأنيه وبطئه في كتابة المقال مثلاً فإنه وقبل أن يفرغ منه قد تجذبه مشكلة أخرى تستحق التفرغ لها فينسى المقال الأول الذي كان قد بدأه ويفرغ للمقال الثاني وهكذا»! الغريب والمحير أنه وبعد كل ذلك الوصف والإعجاب والإشادة والتشويق من جلال أمين -رحمه الله- بذلك المثقف إلا أنه لم يفصح عن اسمه وهو ما يصيب القارئ بالإحباط وخيبة الأمل، بل يجعل الفضول يزداد لديه لمعرفة من تكون تلك الشخصية؟ ولماذا تعمد أمين إخفاء اسمها؟ ** **