الصلاة على الكرسي في غير الصلاة، يشبه الجلوس على المنبر بين الخطبتين، والجلوس على الدابة في صلاة النافلة، ونحو ذلك كثير. وقد جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه صلى على كرسي. والجلوس على الكرسي نوع من أنواع الجلوس لا من أنواع القيام. وضابط مشروعية الصلاة على الكرسي لا على الأرض ولا قائماً: أن يكون صاحب العذر، يستطيع أن يقوم بأكثر الأركان عليه، مما لو كان قائماً أو جالساً على الأرض. فإذا كان في حال الجلوس على الأرض أو في حال القيام يأتي بأكثر الأركان فيها مما لو كان على الكرسي، فإن الصلاة على الكرسي لا تشرع له الصلاة عليها. ففي حديث عمران بن حصين مرفوعاً (صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)، والقاعد يشمل جميع هيئات الجلوس من الافتراش والتورك والتربع والإقعاء الذي لا تشبه فيه بالحيوان والجلوس على الكرسي. والقاعدة: العبرة بالأعم الأغلب لا بالقليل والنادر. فإذا استوى القيام والقعود في عدد الأركان المستطاعة، هل يقدم الجلوس على القيام لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، ولأنه أكثر عدداً، أو يقدم القيام، لأنه أول الأركان فيبدأ به، فإذا حصل له بعد ذلك عجز عن القعود أو السجود بمشقة فادحة زائدة عن المعتاد، سقط عنه، لأن العبرة بالمنظور لا بالمنتظر، في ذلك خلاف. والأظهر في نظري: تقديم القيام، لما سبق، ولأنه محل القراءة، فإن قيل: إن القراءة لا تفوت لأنها تقال أيضاً في حال السجود. فالجواب: أن وجود القراءة في محلها الأصلي أولى من وجودها في حال السجود الذي لا يجزئه ذلك إلا في حال العذر، فكان ذلك من مرجحات القيام على الجلوس عند تساوي الأركان. ولأن الركوع يكون في حال القيام، ومن فاته الركوع فاته السجود فلا تعتبر ركعته. فإن قيل: إن عدد السجدات أكثر فيرجح بها. فالجواب: أن كل سجدتين يقابلها ركعة حتى في صلاة الكسوف. وترجيح الركوع الذي يكون في حال القيام أولى لأن بفوات الركوع تفوت الركعة حتى وإن أدرك المسبوق السجدتين، والله تعالى أعلم. ** ** د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة بجامعة أم القرى.. مكة المكرمة