1 - في الستينيات الميلادية رحب الرئيس اللبناني (شارل الحلو) بالصحفيين اللبنانيين بقوله: «مرحباً بكم في بلدكم الثاني».. في إشارة إلى أن اللبنانيين طوائف وأعراق.. ولاؤهم للبنان يأتي في المركز الثاني بعد ولائهم الطائفي. 2 - وفي الثمانينيات أثناء رئاسته وفد لبنان في هيئة الأممالمتحدة أعلن (غسان تويني) السياسي والإعلامي اللبناني الكبير أن لبنان هو ساحة قتال الآخرين.. وأصبحت تلك هي نظريته الأثيرة في كل كتاباته في صحيفته النهار.. وأن لبنان هو ضحية صراعات الآخرين. 3 - وفي تصريح لوزير خارجية أمريكا الشهير (جون فوستر دالاس) يقول فيه: «لبنان ليست ذات أهمية في حد ذاتها».. والتفسير لتلك المقولة هو أن أهمية لبنان تنبع من كونها ساحة للمصالح الإقليمية الكبرى.. وهذا يؤكده ضعف الدولة اللبنانية تاريخياً حتى اليوم.. فالقوى الإقليمية والأجنبية تلعب أدواراً في حل مشكلات لبنان الداخلية أكثر وأكبر من الدور الذي تلعبه الدولة اللبنانية.. وتكتفي الدولة اللبنانية بدور المتفرج الممنون أو المتفرج الممتعض. 4 - لبنان واللبنانيون اليوم يتراجعون للخلف.. فإذا كانوا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي يخجلون من التعريف بأنفسهم عبر هوياتهم الطائفية.. فهم اليوم لا يُعَرِّفون بأنفسهم إلا بهوياتهم الطائفية والمذهبية.. لذلك فإنك لا تجد اليوم وسيلة إعلامية أو جمعية خيرية أو مدرسة أهلية أو ناد رياضي إلا وتعرِّف حالها عبر هويتها الطائفية. 5 - الناصريون استخدموا لبنان كساحة حرب في الستينيات.. وكذلك فعل البعثيون والقوميون والشيوعيون وحتى الإسلاميون من السنة والشيعة.. وشمل الأمر كذلك أمريكا وإيران وإسرائيل ومصر وليبيا والعراق وسوريا.. وكلها اتخذت من أرض لبنان ساحة حرب لها وجعلت من المواطن اللبناني وقوداً لتلك الحروب. 6 - وكانت كل الدول إذا أرادت أن ترسل رسائل إلى دول أخرى في المنطقة استخدمت الساحة اللبنانية.. وتنوعت تلك الرسائل من الصواريخ إلى السيارات المفخخة إلى الاغتيالات إلى التخريب إلى تجنيد وسائل لبنان الإعلامية لمناكفة خصومها.. لقد تحول اللبنانيون إلى محاربين بالوكالة.. هم تماماً كالمرتزقة يحاربون على أرضهم لمصالح غيرهم. 7 - لم تحل الحرب اللبنانية الأهلية التي امتدت من عام (1975م) حتى (1992م) أياً من قضايا لبنان واللبنانيين.. إنما زادت الفرقة والتشرذم.. وأكدت أن لبنان ليس وطناً بل أرض يعيش عليها أناس غير مواطنين ولاؤهم لأوطان أخرى غير لبنان.. والدليل أنه اليوم ورغم مرور عقدين تقريباً على توقف الحرب الأهلية ما زال الوضع بذات السوء من الفُرْقة والاختلاف والعداء. 8 - وينطبق الأمر كذلك على الرئاسات الثلاث: الدولة والحكومة والنواب حيث لا تمثل لبنان بل تمثل دولاً خارجية.. أيضاً المرجعيات الدينية الثلاث في لبنان لا تمثل الأديان بل تمثل المذاهب.