يشهد العالم العربي في الفترة الحالية تمزّقاً لم يشهده في تاريخه كله، وأصبح هذا العالم صيداً سهلاً لقوى كثيرة كشَّرت عن أنيابها وأبرزت أطماعها فيه، ولعل أبرز مثل على استغلال فترة الضعف هذه هو الاجتياح التركي لشمال سوريا وحجة تكوين منطقة آمنة والقضاء على الإرهاب. كان ذلك على حساب دولة عربية مستقلة هي سوريا، فرغم المشاكل الكبيرة فيها وتمزّقها بين قوى وأطراف كثيرة إلا أن العمل التركي كان غزواً مباشراً لم يحترم فيه القانون الدولي والأعراف والمواثيق التي تشكِّل سيادة الدول على حدودها. ولا يعني ضعف الدولة المركزية في سوريا ووجود أطراف متصارعة فيها على استباحة أراضيها واستغلال شعبها المهجّر ليكون وسيلة للتهديد والوعيد. كانت خطوة جيدة أن تعقد جلسة في الجامعة العربية للتنديد بهذا الغزو وإدانته، إلا أن المؤسف أن الجامعة أصبحت على درجة كبيرة من الضعف، ولم تعد تؤدي الدور الذي يجب أن تؤديه وتقوم به؛ فالدول العربية في حاجة إلى إعادة النظر في دور الجامعة العربية في ظل الأحداث الراهنة والمطامع الكبيرة لدول الجوار غير العربية في إفريقيا وآسيا، وأن تسعى إلى أن تصبح الجامعة ذات وزن دولي يدافع من خلالها عن المنطقة العربية، وتقوم هذه الجامعة بأعمال إيجابية من أجل التطوير والتقارب العربي في كافة المجالات للتصدي للمطامع الأجنبية، ولإعادة الوحدة والتكتل العربي الذي نفتقده اليوم في ظل هذا التمزّق المرعب.