مع دخول أطراف إقليمية على خط النزاع السوري، فلا زلت أتذكّر ما قاله روبرت باير أحد كبار المسئولين السابقين في وكالة المخابرات الأمريكية، بأنّ: «الطريق الأوْحد لإقامة الشرق الأوسط الجديد، هو السعي لاندلاع حرب طائفية واسعة النطاق بين السنّة، والشيعة «، وذلك في كتابه المسمّى ب «القوة الإيرانية العظمي الجديدة» المؤلّف في عام 2008م، وتسير هذه الرؤية وفق رؤية الباحث الأمريكي برنارد لويس، الذي يرى ب: «ضرورة تقسيم الشرق الأوسط في القرن الواحد والعشرين إلى كانتونات طائفية، تزيد عن الثلاث والستين». لعل المتتبِّع لمجريات الأحداث السورية، سيلحظ أنّ حزب الله اللبناني، وميليشيا أبي الفضل العباسي العراقي، وعناصر الحرس الثوري الإيراني، كشّروا عن أنيابهم، وكشفوا عن وجههم الطائفي البغيض، وأصبحوا يقاتلون في سوريا بجانب النظام الأسدي، من منطلق رؤية طائفية مقيتة؛ ليتحوّل الصراع السياسي العسكري إلى صراع طائفي، بعد أن تم توظيف البُعد الديني في الصراع القائم، وبالتالي سيتقدم الصراع الطائفي في المنطقة على الصراع الإسرائيلي، ضمن أبجديات ما يُعرف بالسياسة ب»تقاطع المصالح»، والسير في فلك الاستعداد للتوظيف في خدمة مشروع تكريس الطائفية في المنطقة. وعندما نؤكد، على أنّ المواقف السياسية تكتسب أهميتها من حيث معطيات على أرض الواقع، فإنّ قوى عظمى تعمد على تغيير خرائط المنطقة، والعمل على تقسيم الدول المجزئة، باستثمار الفجوة بين الواقع، والمأمول، وبعيداً عن أهداف الثورة السورية، وذلك وفق مصالحها، وحماية مشروع الطائفية، والذي انكشف بصورة أكثر دموية، حين رأينا الاصطفافات في المنطقة، تقوم على أساس هذه المعادلة. وهذا المعنى يؤكده الكاتب التركي حسين كولارجه، حين قال: « بأنّ القوى الفاعلة التي جلست على طاولة المفاوضة، والمساومة ؛ لتحديد ملامح، وخصائص المنطقة في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير، وضعت خطة مغطّاة بكلمة برّاقة، مثل: الربيع العربي، وبدأت تفرضها على دول المنطقة؛ لإعادة رسم خارطة المنطقة وفقًا لمصالحها، ومطامعها الإمبريالية»، وأشار إلى أنّ الطريق الممهِّد إلى ذلك: «هو الصراع الطائفي، كما بدا جليّاً للجميع في الآونة الأخيرة، وكان الاحتلال الأمريكي للعراق دفعة قوية؛ لتنفيذ هذه الخطة على أرض الواقع، إذ أُشعل بذلك فتيل الحرب الطائفية في العالم الإسلامي كله». إنّ تأجيج النّعرات الطائفية، قد يدفع إلى مزيد من التصعيد وسط اتساع رقعة الصراع المذهبي، وينذر بحرب أهلية جديدة، الأمر الذي يتطلّب عدم الانجرار خلف المشاريع المشبوهة، والأجندة الخفية، والتي يتم إعدادها، وتسويقها للمنطقة، فظهرت دلائلها في الأفق، وهو ما يتطلّب وعياً بحقائق الأمور، ومجريات الأحداث، والعمل على الحد من تأجيج نار التوتر الطائفي في المنطقة. [email protected] باحث في السياسة الشرعية