شكل استهداف معمل الغاز الطبيعي في حقل شيبة النفطي، تحولاً نوعيًا في الهجمات الإرهابية (الحوثية)، وفق رؤية المختصين، عطفًا على المسافة البعيدة الفاصلة بين موقع الهجوم ومواقع سيطرة الحوثيين في اليمن. استهداف حقل شيبة جاء بعد عمليتين إرهابيتين استهدفتا أنابيب النفط في المملكة، وناقلات نفط في الخليج العربي، وهو مؤشر على إصرار التنظيمات الإرهابية لتعطيل سلاسل إمداد البترول العالمية ما يستوجب تدخلاً دوليًا لوقف تلك العمليات الإرهابية المُهددة لأمن الطاقة ومستقبل الاقتصاد العالمي. برغم خطر العمليات الإرهابية على إمدادات النفط والأسواق؛ إلا أن تفاعل المجتمع الدولي معها لا يُظهر رغبة حقيقية في مواجهتها؛ بل إن تفاعل أسواق النفط معها جاء محدودًا ولفترة قصيرة جدًا؛ بالرغم من الانعكاسات الحادة التي كان من الممكن أن يتسبب بها الهجوم على إمدادات النفط العالمية. قد يُعتقد أن إعلان وزير الطاقة السعودي المهندس خالد الفالح سيطرة أرامكو على الحريق الناجم عن الهجوم، وتأكيده على أن «إنتاج المملكة وصادراتها من البترول لم تتأثر من العمل الإرهابي» سبب في تبديد مخاوف الأسواق وطمأنة المستهلكين؛ إلا أن من يُحلل الأحداث وتداعياتها يمكن أن يعيد تشكيل المشهد العام وفق تصورات مختلفة وبعيدة كل البعد عما هو متداول اليوم. تصريح وزير الطاقة السعودي تضمن وصف الهجوم على أنه «عمل إرهابي وتخريبي» دون الإشارة المباشرة إلى مصدره؛ وكأنما أراد البعد عن تأطير مصدر الإرهاب الذي تواجهه المملكة؛ وإن أشار إلى إيران وجماعة الحوثي كامتداد لما حدث. أعتقد أن التوجه الاستخباراتي الدولي يدفع نحو ربط عمليات الإرهاب الموجهة ضد المملكة بالميليشيا الحوثية؛ التي ربما ضخمت واستغلت لتكون شماعة للإدانة الدولية في مقابل حماية جهات إرهابية أخرى ضالعة في تلك العمليات؛ ومنها دول في المنطقة واستخبارات غربية. فقدرات الحوثي العسكرية والتقنية تجعله عاجزًا عن تنفيذ هجوم نوعي في العمق السعودي؛ ما يرفع أكثر من علامة استفهام حول مصدر قدراته العسكرية والتقنية؛ والدعم الاستخباراتي؛ وربما مواقع شن الهجوم الصاروخي!. ما يحدث اليوم يتجاوز قدرات الجماعات الإرهابية، إلى إرهاب الدول الضالعة في تلك العمليات؛ والتي أعتقد أنها ما زالت تعمل على خططها الإستراتيجية الموجهة ضد أمن واستقرار ووحدة المملكة؛ من خلال جماعة الحوثي أو الأزمة اليمنية بشكل عام ما يستوجب إعادة النظر في إستراتيجية المواجهة في اليمن أولاً، لضمان الحسم السريع؛ ومعاقبة (الحوثيين) بشدة على استهداف الأعيان المدنية والاقتصادية؛ وفق ما تقتضيه القوانين الدولية؛ أسوة بدول العالم ومنها الولاياتالمتحدة؛ التي قد تدمر دولاً لعمل إرهابي واحد. كما أن الظروف الحالية تفرض مراجعة شاملة للمشهد العام من أجل الوصول إلى رؤية واضحة لما يجري من أحداث تُربط بجهات ظاهرة للعيان غير أن ما يظهر منها ليس إلا الغطاء الذي يحول دون رؤية ما خلفه من أدوات وأذرع إرهابية واستخباراتية ودول جعلت من زعزعة أمن واستقرار ووحدة المملكة هدفها الرئيس.