جاءت القرارات الخاصة بالمرأة وتمكينها من حقوق هي لها في الأصل قراراً حكيماً يزيل واقعاً كانت تعاني منه بعض النساء سنوات طويلة، وشواهد ذلك كثيرة مما نسمعه أو نراه. كان قرار السفر بإذن ولي شاملاً عاماً حتى على المرأة التي بلغت من العمر عتيا كانت لا تستطيع السفر إلا بإذن وموافقة من ولي؛ فلنتخيل امرأة تقارب الثمانين ويطلب منها موافقة ولي الأمر، أو امرأة مطلقة يأذن لها بالسفر ابنها مهما كان عمره.. وقس على ذلك. وكما قال كثيرون كان ضرورة الحصول على إذن ولي الأمر يشمل أستاذات جامعيات وطبيبات وغير ذلك، وجاء مثل هذا القرار ليعيد الأمور إلى نصابها وهواجس الخوف لا تعني شيئاً إذ إن حدث شيء يخالف ما توخاه النظام الجديد فذلك يعني أن الاسر لم تفلح في تقويم سلوكيات بناتها. ومن هنا فإن هذا القرار كان إعادة لما تستحقه المرأة من ثقة وتقدير. وعودة إلى التاريخ القريب وبحكم تخصصي كباحثة في شؤون المرأة في الجزيرة العربية تتبعت من خلال أعمالي سير مجموعة من النساء ووضحت كيف كن قائدات في مجتمعاتهن، وكيف كان يحتفي بهن من المجتمع نفسه وما تاريخ غالية البقمية ببعيد. وقبل ذلك الطبريات في مكة وقبلهن نساء آخريات يلقين الدروس للنساء والرجال ويقدن حركة العلم في مجتمعاتهن. ومن ثم فإن هذا القرار إنصاف للمرأة وإعادة حق لها، وعليه فإن من المبالغة أن تخرج أقلام لتوحي بأن المجتمعات العربية ومجتمع شبه الجزيرة العربية على وجه الخصوص كان مجتمعاً ظالماً للمرأة على مدى التاريخ، أو تصوير القرار باعتباره حدثاً لا صلة له بواقع المرأة في أزمنة غابرة كانت تعيش فيها عزيزة مكرمة، يثق فيها ذووها ويحترمها مجتمعها رجالاً ونساءً. إنه قرار صائب لعنصر فاعل في المجتمع، ومن ثم لا نحتاج للمبالغة في الحديث والكلام عن الموضوع وكأنما هو عمل لا يمت إلى تاريخ المرأة وواقعها في فترات اجتماعية سابقة عن فترة التضييق عليها.