قال تعالى {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}. في عصر يوم الخميس الحادي عشر من شهر رمضان المبارك الموافق 1440 للهجرة انتقل إلى رحمة الله تعالى الوالد الغالي أ. عبدالله بن عبدالرحمن الزامل مدير دار التوحيد ومدير الشؤون الإدارية والمالية بتعليم الطائف سابقًا, وذلك بعد مسيرة عطاء وطني حافلة بالإنجازات في مجال التربية والتعليم بالطائف. فقد أتم الراحل دراسته الابتدائية في المدرسة السعودية بالطائف التي انتقل إليها مع أسرته من مسقط رأسه (محافظة مرات بمنطقة الرياض), ثم تخرج في دار التوحيد عام 1375ه، بعدها انتقل إلى مكةالمكرمة للدراسة بكلية الشريعة التي تخرج فيها عام 1380ه، وكان من العشرة الأوائل على دفعته. تدرَّج في العمل الوظيفي -رحمه الله- معلمًا بدار التوحيد، فوكيلاً، فمديرًا عندما كانت بنظام السنوات الخمس، وكان حينذاك نعم المربي والمعلم والقائد لأبنائه الطلاب. وقد لمست ذلك إبان عملي في تعليم الطائف؛ إذ كانت الإشادة به وبأعماله وبمواقفه الأبوية معهم في حرصه وشدته -إن لزم الأمر- فكأنه يتمثل قول الشاعر: انتقل بعد ذلك مفتشًا فكبيرًا للمفتشين بتعليم الطائف. وعند تأسيس الإدارة العامة للتعليم بالمنطقة الغربية بقيادة د. عبدالله محمد الزيد التربوي والإداري الفذ أُسندت إليه مهمة الشؤون الإدارية والمالية بتعليم الطائف, فعمل جاهدًا في هذا المنصب على انضباط الأداء المدرسي، وعلى توفير البيئة المناسبة للتعليم؛ فحرص كل الحرص على توفير الأراضي في منطقة الطائف لبناء مدارس نموذجية تخلصًا من المباني المستأجرة، ونجح -بتوفيق الله- في الحصول على أكثر من 160 صك أرض تبرعًا من أصحابها. وبعد أكثر من ثلاثين عامًا قضاها في التعليم بالطائف عُيّن خبيرًا للتعليم بوزارة المعارف آنذاك، ثم تقاعد بعد حياة عملية، أخلص فيها لدينه ومليكه ووطنه، عطّرها بإنجازات شاهدة، تتحدث عن نفسها. كان -رحمه الله- بارًّا بوالديه, مقلاً في حديثه، لكنه إن تحدَّث أفاد وملأ المجلس, مثقفًا, مطلعًا, متطلعًا لكل جديد, لا يحمل الحقد على أحد، يحترم الجميع، ويمقت الغيبة. رحمك الله يا أبي، وأنزل على قبرك شآبيب رحمته, وأجزل لك المثوبة على ما قدمتَ لنا وللوطن، وجعل ذلك في موازين حسناتك. ولا يسعني هنا إلا التقدم بالشكر الجزيل لمن واسانا في الفقيد الغالي, كما أتقدم بالشكر للدكتور عبدالله بن محمد الزيد على مقالته ووفائه للراحل، والشكر للأستاذ سليمان بن عواض الزايدي مدير تعليم منطقة مكةالمكرمة عضو مجلس الشورى سابقًا على (دمعة حزن) التي سطرها على جريدة الجزيرة، التي تُكتب بمداد من ذهب.. لله درك أ. سليمان، كم أنت وفيٌّ لمن أحبك في الله! والشكر للشيخ أ. د. محمد بن أحمد الصالح على كلمته الرقيقة، ووفائه، وتعزيته في الفقيد الذي كان يكنُّ له المحبة والتقدير. كما أشكر الشيخ محمد بن عبدالرحمن الدعيج على رسالته الصوتية الضافية المعبّرة الصادقة التي انتشرت بين محبيه في الطائفوالرياض. رحمة الله عليك يا أبي رحمة الأبرار, وأسكنك فسيح الجنان, وجمعنا بك في الفردوس الأعلى. {إنَّا للهِ وإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون}. ** **