أستطيع القول إن العملية التعليمية خاصة على مستوى الجامعات لا تزال تصب في خانة التلقين واجترار المعلومات وتخريج أفواج من الطلاب والطالبات الذين لايعرفون في أغلب الأحيان أبسط أساليب البحث العلمي أو الوصول إلى المعلومات التي قد تفيد في جانب أو آخر. ورغم أن أغلب الذين يقومون على العملية التعليمية على المستوى الجامعي هم ممن تخرجوا من دول غربية لها باع طويل في البحث العلمي ولها تجارب عميقة في تأهيل الطلاب وتدريبهم على التعامل مع المعلومات وكيفية الوصول إليها واستخلاصها والاستفادة منها وتسخيرها في أبحاث قصيرة وغيرها، فإن ذلك لم ينعكس على الدارسين والخريجين يدلل على ذلك هذا الفقر الشديد في الباحثين القادرين على التعامل مع المعلومات وتسخيرها في إعداد البحوث والدراسات أو حتى في جمع المعلومات، وإن كان هذا لاينفي وجود قلة من الباحثين المتميزين من خريجي الجامعات السعودية الذين اشتغلوا على أنفسهم وتمرسوا على البحث العلمي من خلال نشاطهم الخاص وقراءتهم وتتبعهم لمناهج البحث وبناء شخصيتهم العلمية. إن البحث العلمي في المملكة يحتاج إلى باحثين من بين الكم الكبير من الخريجين، فكل هيئة وكل وزارة وكل مؤسسة تتجه اليوم إلى اتخاذ قراراتها اعتماداً على البحث العلمي الذي يشمل البحث عن المعلومات وتجميعها وغربلتها ومن ثم صياغتها وفق منهج دقيق يساعد متخذ القرار على اكتشاف المسار المناسب لما يخطط له ويرمي إليه. ومن المهم جداً غرس حب البحث العلمي في نفوس الطلاب وإشعارهم بأن هناك متعة يجنيها الباحث نتيجة وقوفه على المعلومات وتحليلها واستنتاج معطياتها وتكوينها لتكون دراسة تفيد فيما بعد. إن مجرد التوجيه والممارسة مع وجود رغبة جادة وهادفة ستؤدي إلى تكوين باحثين مميزين في كافة المجالات العلمية النظرية والتطبيقية مما يسهم في تزويد المؤسسات العلمية باحتياجاتها من الباحثين.