إذا سألك أحدهم عن النموذج الأكثر إبهاراً في الاقتصاد الرياضي فقل له بدون تردد: دوري كرة القدم الأمريكي NFL! تمتلئ كتب التسويق ورسائل الدكتوراه في الجامعات المتخصصة بدراسات الحالة، تجد حالات مثل التجربة الصينية، ونجاح نادي مثل مانشستر يونايتد في التسويق بشكل كبير جداً، إلا في حالة كرة القدم الأمريكية فأنت تجد كتباً كاملة تستعرض حالات داخل حالة واحدة كبيرة هي هذا الدوري! دوري المحترفين لكرة القدم الأمريكية تساوي هناك في أميركا الشمالية البريمرليج في إنجلترا وأوروبا. عدد الأندية 32، يتم تقسيمها على 8 مجموعات، كل أربع مجموعات في فرع، ويتم التصفية بينهم حتى النهائي الذي يطلق عليه super bowl، هذا الحدث الرهيب في مداخيله الإعلانية والذي سبق أن استعرضناه في مقال بعنوان «أضخم حدث إعلاني»! جامعة فاندربيلت بولاية تينيسي مثلاً قامت بدراسة حالة عن التسويق الرياضي في كرة القدم الأمريكية ودوريها هذا فوجدت أنه في عام 2010 حققت الأندية المكونة لهذا الدوري عبر التسويق الرياضي: 8 مليارات دولار..! والرقم منذ 9 سنوات! لتخيل مقدار النجاح والتقدم في المداخيل كانت الأندية تحقق من الدخل التليفزيوني 47 مليون دولار سنوياً في 1970، بينما تعاقد البث التلفزي في 2013 كانت قيمته 4 بليون دولار! أما النادي من الحجم المتوسط في هذا الدوري والذي يمكن أن نشبهه بإيفرتون أو ساوثهامبتون في البريمرليج: فتم تقديره في 2010 من فوربس بقيمة 1 مليار دولار، بمداخيل تقديرية سنوية 250 مليون دولار! وفي 2016 حققت أندية الNFL من الرعاية فقط sponsorships 1.25 مليار دولار.. رقم هائل.. وهو نصف ما حققه كأس العالم الأخيرة من إيرادات رعايته لكل المنتخبات وبكل مجهود «الفيفا» ولجنة تنظيم المونديال! رعاة ال NFL يتنوعون بشكل كبير بدءاً من شركات المستلزمات الرياضية والفنادق وشركات الأغذية والطعام مروراً بشركات التأمين والسياحة والصحة، ونهاية ً بشركات التقنية ومنها ميكروسوفت فقط كانت قيمته 400 مليون دولار! أما عناصر التسويق الرياضي فقد نجحوا فيها بلا استثناء، حتى نقطة المسؤولية الاجتماعية فتوجد NFL FOUNDATION التي منذ عام 1973 قدمت تبرعات خيرية وبرامج رياضة للأطفال تقارب 370 مليون دولار. الأمر الذي جعل هناك العديد من الكتب والأبحاث ودراسات الحالة عن نجاح هذه البطولة على جميع المستويات وكيف يتم استغلال الرياضة الشعبية الأولى في بلد ما، ليستفيد منها كل الأطراف، على جميع المستويات! نهائي السوبر بول بمفرده حالة تسويقية فريدة صداها وصل حتى هنا، حيث عرفنا أن قيمة الإعلانات في شبكة واحدة لمدة نصف دقيقة قيمتها 5 ملايين دولار في أحد النهائيات الماضية والتي كانت القيمة السوقية للناديين فيه، نيو انجلاند باتريوتس 3.4 مليار دولار، بينما أتلانتا فالكونز 2.125 مليار! وفي المجمل دوري كرة القدم الأمريكي حجم اقتصاده كل عام 10 مليارات دولار، يولد أرباح سنوية 2 مليارين، قيمة ال 32 فريق السوقية أكثر من 30 مليار دولار حسب كتاب لكيفين كوينن كتبه لعرض التأثير الاقتصادي فقط لهذا الدوري.. المجنون في كل شيء! استقالة! في أحد نهائيات السوبر بول شهد أغرب إعلان.. عندما ظهرت إحدى الموظفات فيه (جوين دين) لتستقيل فيه من وظيفتها وتتفرَّغ لمشروعها الخاص، ظهرت وقالت كلمتين فقط.. أنا استقيل.. وأكمل بطل الإعلان بعدها.. جوين أبلغت 100 مليون شخص يشاهدون النهائي.. منهم مديرها الذي يشاهدنا الآن!