بلُغة راقية، وأسلوب علمي مميز، يقوم على الاطلاع الواسع على أمهات الكتب والمصادر والمراجع، أصدر الباحث الشيخ عثمان بن عبدالعزيز العسكر مؤلفًا جديدًا، ينضم إلى كتبه المهتمة بتوثيق مراحل مهمة من تاريخنا المحلي من خلال البحث في الوثائق؛ إذ أصدر العسكر كتابه «الأمير عبدالله بن إبراهيم العسكر (1277 - 1350 ه) سيرته وأخباره». والكتاب هو الجزء الثاني في سلسلة «في تاريخ المجمعة ومغانيها». وقدَّم للكتاب الأستاذ عبدالله بن بدر العسكر الذي قال في مقدمته: «إن تاريخ عبدالله بن إبراهيم العسكر أمير المجمعة تاريخ ذو شجون، يستحق الإسهاب في جوانبه المضيئة، ولاسيما في علاقته المشرفة بالملك المؤسس..». وعبدالله العسكر كما لا يخفى عَلم وطني، عُرف بالرأي والحكمة، والصلة المثنية بالرمز الكبير عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل مؤسس هذه البلاد. جاوزت صفحات هذا الكتاب ال(205 ص)، ويقع في فصول خمسة، وفي كل فصل مباحث عدة من ثلاثة مباحث إلى خمسة. ففي الفصل الأول أربعة مباحث، تشكل أرضية وقاعدة يعتمد عليها القارئ للاستفادة من فصول الكتاب الباقية. فكان المبحث الأول عن علم النسب، يليه مبحث آخر عن وجوه الانتساب إلى القبيلة، ثم مبحثان عن المجمعة والعسكر مسقط رأس المتحدَّث عنه وأسرته. وأحسن عثمان العسكر حين جعل الفصل الثاني مخصصًا للحديث عن والد صاحب السيرة الأمير إبراهيم العسكر؛ فتحدث عن مجتمعه وسيرته وأخباره، مع حديث عن ذريته ووصيته. وفي الفصل الثالث من هذا الكتاب عاد العسكر مرة أخرى للحديث عن محطات مهمة في حياة الأمير عبدالله العسكر، فكان الحديث عن النشأة والتكوين، مع حديث عن صلته بالملك عبدالعزيز، وعن شخصيته السياسية الفذة. ولأهمية مرحلة عسير في حياة ابن عسكر فقد خصصها الشيخ العسكر في كتابه هذا بفصل مطول بأربعة مباحث، وبأكثر من عشرين صفحة للحديث عن انتقاله إلى عسير. ولم يفت العسكر أن يتحدث عن عسير البقعة الغالية من وطننا الكبير، من ناحية الجغرافيا والأهمية، وملامح من شخصية أميرها ابن عسكر وحكمته ودوره في تحقيق تطلعات المؤسس في عسير ومع أهاليها الكرام. أما خاتمة الفصول - وهو الفصل الخامس - فقد جاء تحت عنوان «رجال وتقدير وأثر»، وفيه خمسة مباحث، تناولت موضوعات مهمة بين الرجال الذي كانوا مع ابن عسكر في مسيرته في الوظيفة والحياة، وعن المكانة السامية لأهل العلم عند ابن عسكر. ولم يفوت مؤلف هذا الكتاب أن يورد شهادات في ابن عسكر من شخصيات عاصرته، وأخرى أتت بعدها، لكن ذكره لم يغب عنهم. ثم كان الحديث عن أبناء هذا الرجل الذين خلفوا والدهم في خدمة الدين والوطن والمجتمع.. ومن الطبيعي أن يكون الحديث عن مرضه ووفاته - رحمه الله رحمة واسعة - ليتبع ذلك حديث أخير عن قَصْر العسكر التحفة العمرانية على الطراز النجدي في العمارة والبناء، الذي يقع في مدينة المجمعة قاعدة محافظة المجمعة (إقليم سدير). هذه محطات مع هذا الكتاب الذي ازدان بمجموعة من الوثائق التي تخدم معلومات الكتاب وأهدافه، وفهارس تفصيلية، تقرب كل معلومات الكتاب. ومن أبرز مصادر المؤلف في كتابه هذا مجموعة كبيرة من المقابلات والروايات الشفهية من شخصيات ورواة يملكون قدرًا مهمًّا من المعلومات والقصص والأخبار التي انفرد بها مؤلف الكتاب. والكتاب مطبوع ومتداول من نشر دار العارض للبحوث والدراسات والنشر.