تحتضن «جدة» في التاسع عشر من الشهر الجاري اجتماعًا محوريًّا للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج بين الدول المنتجة من داخل أوبك وخارجه «أوبك +» للنظر في إمكانية تمديد اتفاق خفض الإنتاج، أو تعديله وفق متغيرات السوق الأخيرة. قد يكون للعوامل الأساسية أثرٌ مباشر على قرار اللجنة، خاصة بعد دخول إنهاء الإعفاءات الممنوحة لمستوردي النفط الإيراني حيز التنفيذ؛ ما يعني «تصفير» صادرات النفط الإيرانية التي تقدر حاليًا ب 1.3 برميل يوميًّا. وفي المقابل، قد يتسبب قرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» رفع الرسوم على سلع صينية في تعطيل المحادثات التجارية بين أمريكا والصين؛ وهو ما يؤثر سلبًا في النمو العالمي؛ وبالتالي الطلب على النفط، الذي فقد ما يقرب من 2.2 من سعره كنتيجة مباشرة لتصريحات «ترامب». متغيرات أسواق النفط الأخيرة تعزِّز وجهة نظر وزير الطاقة السعودي المهندس خالد الفالح الذي قال إن «اللجنة ستكون نقطة نقاش محورية؛ لأننا سنعلم يقينًا بحلول ذلك الوقت أين يقع الإجماع. والأهم، قبل أن نطلب الإجماع، أننا سنعلم وجهة العوامل الأساسية». تبدو العوامل الأساسية وغير الأساسية أكثر وضوحًا اليوم؛ وهو ما قد يُسهم في توصل اللجنة إلى إجماع يؤدي إلى تحقيق هدف توازن السوق النفطية، والمحافظة على الأسعار الحالية التي يعتقد أنها مريحة للمنتجين والمستهلكين. الأكيد أن هناك ضغوطًا تُمارَس على أوبك وكبار المنتجين من خارجها، منها الضغوط الأمريكية ممثلة في الرئيس «ترامب» الذي لا يتوقف عن إطلاق تغريداته المطالبة بخفض الأسعار، غير أن مصالح الدول المنتجة تستوجب المضي في اتخاذ مواقف داعمة لتوازن السوق بعيدًا عن الضغوط الأمريكية، وهي مواقف تصبُّ في مصلحة الدول المستهلكة أيضًا. الوصول إلى أسعار نفط عادلة ومحفزة للمنتجين يسهم بشكل كبير في ضخ مزيد من الاستثمارات في قطاع الإنتاج؛ وهو ما يحقق استدامة الإمدادات، وضمان استقرار الأسواق وأسعار النفط؛ الأمر الذي تجعله المملكة من أولويات سياستها النفطية القائمة على ضمان الإمدادات واستقرار أسواق النفط. استثمرت المملكة جزءًا مهمًّا من إيراداتها النفطية لتطوير قطاع الإنتاج، وللاحتفاظ بطاقة إنتاجية فائضة، تستثمرها في مواجهة الأزمات العالمية المفاجئة، وطمأنة المستهلكين والأسواق بشكل عام. تتعامل المملكة بحذر مع المتغيرات الأساسية، إذ تركز بشكل أساسي على تحقيق التوازن الأمثل، والاستعداد التام لتلبية طلبات عملائها، يساعدها في ذلك قدراتها الإنتاجية الفائقة، وتعامل قيادتها بمسؤولية تامة تجاه المجتمع الدولي، وعدم الإضرار بالنمو العالمي، أو محاولة استغلال الظروف المفاجئة لتحقيق مزيد من المكاسب السعرية. بالرغم من تأثير قرار «أوبك+» المنتظر على المعروض النفطي العالمي، وسعيها للوصول إلى الأسعار العادلة من خلال ضبط الإنتاج، وتحقيق التوازن، إلا أن أسعار النفط تتأثر بالمتغيرات الجيوسياسية التي تعتبر الولاياتالمتحدة من مصادر تغذيتها الرئيسة، وتتم صناعتها في الأسواق العالمية الأكثر تأثيرًا في منظومة التسعير التي يحمل وزرها الدول المنتجة، التي أعتقد أنها الحلقة الأضعف في معادلة التسعير، والأدنى استفادة من النفط الذي تنتجه، مقارنة بالدول الصناعية الكبرى.