يقول الأديب والشاعر والسفير والوزير «غازي القصيبي» - رحمه الله- : «للأسف تعودنا في العالم العربي على إلقاء هزائمنا على الآخرين ، علينا أن نتحمَّل نتائج أعمالنا، ولا نكتفي بالاعتراف فقط بالنجاحات، علينا أن نعترف بالهزائم أيضاً، أسوأ شيء أن نسمي «الهزيمة» باسم آخر، ونطلق عليها اسماً آخر، علينا تحليل أسبابها، والتعرّف أيضاً كيف انتصر المنتصر ونبدأ بالقياس». وفي دروس تعليم الذات وكذلك الصعيد الإداري نكاد نتعلَّم يومياً من الراحل «غازي القصيبي» صاحب التجربة الثرية والملهمة، ولو حاولت أن أنقل بعض ما طرحه على الواقع الرياضي أجد أن كل ما يدور في دهاليزنا الكروية مؤسف ومحبط! وفي الهلال مثلاً.. نجد أن رئيسه الأمير محمد بن فيصل يخرج عند كل تعثّر لتحميل جهة ما ذلك الإخفاق، دون التحرّك خطوة للأمام للعمل والتطوير والاعتراف بالأخطاء والسعي لتلافيها، لدرجة أنه بعد استهلاك كل المبررات خرج إعلامياً بعد خسارة اللقب العربي واستغرب حضور «سامي الجابر» و»جيسوس» في المدرجات! بذلك الحديث خالف الرئيس المنهج الهلالي والثقافة الزرقاء وهو مؤشر خطير، وتسبب في إحداث شرخ في العلاقة التي تربط رجالاته ومنسوبيه وجماهيره، ولكن عكس ذلك التصريح واقع العمل الإداري داخل أروقة النادي الكبير مؤخراً الذي عانى من تخبط واسع، تسبب في ظهور الفريق بشكل مهزوز وهش أفقده الألقاب تباعاً، وبصورة لا تليق باسم الهلال ومكانته وجماهيريته، فأكثر المتشائمين من المحبين أو حتى أكبر الكارهين لم يكن يتوقّع أن يتلقى الهلال هزيمة على أرضه وبين جماهيره وبخماسية ومع الرأفة من التعاون، ولم يكن يتوقّع أن الهلال الذي افتتح موسمه بصفقات مدوِّية، وأسماء لامعة ومدرب عالمي، وبطولة مستحقة، ومستويات لافتة، أن ينتهي به الحال لطرق أبواب الأندية للبحث عن مدرب يكمل به الأمتار الأخيرة من مسابقة الدوري بعد «المكابرة» الإدارية على «زوران» وقبل ذلك الخطأ الفادح بإقالة المدرب الأنسب لمرحلة الهلال والتفريط بمكتسبات الفريق! الهلاليون هذا الموسم، وبعد قدوم الإدارة «المكلّفة» أصبحوا يبحثون عن فريقهم، ما زال العاشق يشعر أن هلاله في «غيبوبة»، ليس هذا الهلال الذي يعرفونه بكل تفاصيله ومفاصله، ملامحه مختلفة وشاحبة، أركانه مظلمة وتسكنها الضبابية والغموض، حتى الصوت الرسمي لا يتناسب مع مكانة النادي وقيمته، فأصبح معظم الهلاليين في «غربة» رغم وجودهم في قلب محيط الرعب، وهلالهم المهاب الذي يبث الرعب في قلوب كل الخصوم، أضحى يخسر ويودع البطولات، وحتى انتصاراته تتحقق بشق الأنفس، لذا كانت رحلتهم هذا الموسم شاقة، ومحطاتها مرهقة من أجل العثور على هلالهم الذي عشقوه وعرفوه بطلاً وزعيماً! العاشق الهلالي بدأ الموسم وهو يرتكز على عمل متقن وعلى إدارة فنية متينة يقودها «جيسوس»، ومجلس إدارة يرأسه «سامي الجابر»، كان لا يعرف إلا «سامي وجيسوس»، كان يخطِّط لموسم مختلف يستحوذ فيه على البطولات، ليقدّم الزعيم أجمل الروايات ويعزف أروع الألحان، ولكن في النهاية بات الهلال في خبر كان، تبددت كل الأحلام وتبخَّرت وسط خيبة أمل وحسرات وأسئلة معلَّقة بلا إجابات، لتبقى بطولة الدوري الأمل الأخير لإنقاذ الموسم الأزرق! الليلة.. وسط ظروف لا يحسد عليها يعود الهلال لمحاولة الدفاع عن لقبه، ويستكمل مشواره في بطولة الدوري، على لاعبي الفريق فقط أن تكون صور المشجعين بعد المباراة الأخيرة عالقة في أذهانهم والعمل على تحقيق النتيجة الإيجابية لمصالحتهم عبر المباريات الثلاث المتبقية.