البعض من بني البشر يفاجئهُ شحوب إذا انتهى رصيده الزمني من أيام إقامته في الحياة الدنيا بدون مقدمات أو علامات على أي حال، فالسعيد من تكون حاله حسنة ومرضية عندما يَحينُ أجله، فَقَبُول الأعمال بحسن الختام، ومن كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة بفضل الله ورحمته، وهذه الصفة المباركة تُذكّرنا بحال الصديق الوفي مطلق بن محمد المطلق - أبو خالد - الذي وافاه أجله يوم الأحد 19-6-1440ه وهو في مصلاه على سجادته في آخر الليل يناجي ربه، طلب المغفرة له ولوالديه وصلاح عقبه..، ومهنئين له بحسن الختام المبارك، مع تعزيتنا لأسرته كافة، وإنزال السكينة عليهم، فالله سبحانه وتعالى قد وعد الصابرين على أقداره بقوله {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. وقال الشاعر مُنقذ الهلالي في الحث على الصبر عند وقوع المصائب: ولقد ولد في حريملاء -رحمه الله- سنة 1358ه تقريباً..، ونشأ وترعرع في أكنافها وتربى بين أحضان والديه تربيه صالحه ثم تلقى تعليمه الأول بإحدى الكُتاّب لتعلّم الكتابة والقراءة وحفظ كلام الله العزيز الحكيم، كما كان يحضر مجالس العلم وسماع ما يُقرأ من كتب المطولات التي عادة تُجرى قراءتها بعد صلاة العصر، وقُبيل صلاة العشاء.. داخل المساجد.., مما كون لديه ثقافة علميه، وتاريخيه.., ثم رحل من حريملاء ودرس بالمدرسة المحمدية بالرياض، التي تعد من أقدم المدارس وأكبرها، عدا المدرسة التذكارية، بعد ذلك شخص إلى المنطقة الشرقية وعمل بإدارة التعليم بالدمام فترة من الزمن، ولما طال اغترابه هُناك عاد إلى الرياض فعمل بالحرس الوطني حتى تقاعد، فهو رجل عصامي كافح في حياته بكل صدق وجد وكان محبوباً لدى أسرته وأقاربه ومعارفه، صادقاً في تعامله مع الغير، حيث خصص جُلّ وقته في الأعمال التجارية والعقارية، ومن صفاته الجميلة إمهال بعض المعسرين حتى يتمكنوا من سداد ما عليهم، احتساباً للأجر من رب العباد، وكسب محبتهم، والأجمل من ذلك صلته لرحمه: شقيقاته الثلاث والدة أبناء عبدالرحمن بن علي العجلان -رحمهما الله- وعقيلة ابن الخال عبدالرحمن بن عبدالعزيز المطرود -رحمه الله- وشقيقته الكبرى هيا أم الأستاذ صالح بن سليمان الدحيم رفيق دربه في زمن الطفولة، فقد كانت تحضر مع والدتها نوره لزيارة والدتي مراراً -رحمهم الله جميعاً، فكله أدب ولطف في مجتمعه... تلذ الأسماع عند ذكره -تغمده المولى بواسع رحمته- ولا غرو فقد عاش بين والدين كريمين محبوبين، ولنا معه ومع والديه المجاورين بحي (قراشه) بحريملاء ذكريات جميلة لا تغيب عن خواطرنا مدى العمر: ولقد عزّ على عقيلته أم خالد - فراقه وغيابه عن ناظريها وسيظل حزنها عليه باقياً مُساوِراً لها في شعاب النفس مدى العمر: فكل قرينة لا بد يوماً سيشعب إلفها عنها شعوبُ كان الله في عونها وعون أبنائها، - تغمد الله الفقيد بواسع رحمته ومغفرته والهم أبناءه وبناته وعقيلته وأسرتي العجلان، والمطرود ومحبيه الصبر والسلوان -. ** **