يقول المفكر موريس بيرمان متكلماً عن الوحدة الشديدة في المجتمع الأمريكي: إننا نشاهد المسلسلات التلفازية التي أبطالها مجموعات من الأصدقاء الحميمين بسبب حاجتنا الماسة للصداقة التي نفتقدها ووحدتنا التي اجتاحتنا. وهذا فعلاً ما تجده في المسلسلات الأمريكية الكوميدية، فأشهرها مثل ساينفلد وفريجر و فريندز وغيرها دائماً من سمتها أن يكون الأبطال لهم أصدقاء قريبون يدخلون عليهم بلا مقدمات ويتسامرون براحة، ترى كريمر وجورج وإيلين في شقة جيري، أو نايلز في شقة أخيه فريجر، وهذا بعيد عن الواقع، وقد عرف هذا أحد الأمريكان والذي كتب قائلاً عن تجربته أنه نزل مبنىً جديداً ووزع منشورات على كل السكان يدعوهم إلى حفلة في شقته، وجهّز الأطعمة والمشروبات والحلويات، ومن بين 100 ساكن، لم يأت أي أحد! صفر! ذاب الآيسكريم ودفئت المشروبات وهو وزوجته مذهولان من هذا التجاهل التام، وكان متوقعاً حفلة صاخبة ممتعة مثل ما يرى في الأفلام، وقال: إياكم أن تأخذوا نصائح عن الصداقة من المسلسلات! ومشاهدة علاقات الصداقة الحميمة هذه هي هروب من الواقع الأليم، واقع الوحدة (إما اختيارية أو إجبارية)، مثل الضعيف المظلوم الذي يتحمس وهو يشاهد قوة سوبرمان، هو متنفسه. المشكلة في المجتمعات التي تحث على جمع المال وإهمال الأقارب والأصدقاء مثل المجتمع الأمريكي أنها تنقص من حياة أهلها بهذه الطريقة، فالدراسات كثيرة التي تظهر أهمية الاجتماعية وخطر العزلة، حتى إن العزلة صُنّفت أنها مثل إدمان الخمر في ضررها وأضر حتى من السمنة. قالت عالمة أشرفت على بعض تلك الدراسات: إن الوحدة لها ضرر تدخين 15 سيجارة كل يوم. والآن بعد أن عرفت أهمية الاجتماعية، إياك وإهمال أصدقائك وأقاربك، فأنت الخاسر في النهاية.