هي أشد المذاهب الأدبية التصاقًا بالاستراتيجية الاشتراكية الماركسيّة بكل الأطياف والألوان سواء كان شعرًا أو نثرًا أو كانت رواية أو مسرحًا. في كتابه (رأس المال) كان الهدف الاشتراكي لماركس المجتمع وليس الفرد بعيدًا عن الأنانية الفردية والجشع البرجوازي هكذا يرى! وهذا ما كان سائدًا في منتصف القرن التاسع عشر مع بداية الثورات وهو الطريق الجديد الذي صاحب الثورة الصناعية الذي حاول أن يقصده الفلاسفة والأدباء والعلماء الأوروبيون آنذاك نحو الليبرالية والحداثة كاتجاه جديد وربما يعد أنوريه دي بلزاك الروائي الفرنسي صاحب البصمة الأولى في الرواية الواقعية بمعناها الحقيقي في القرن التاسع عشر ثم (غوستاف فلوبير) الذي جسّد الواقعية في روايته (مدام بوفاري 1857م) على كرهه للواقعية حين قال (إني أمقت كل ما تم الاتفاق على تسميته بالواقعية) فلم يكونا سوى ملهمين للروائيين في الأدب الواقعي الاشتراكي فيما بعد وهو بهذا يخالف دوستويفسكي الذي يمثل الرواية الواقعية الروسية التي قطعت شوطًا كبيرًا في ذلك: (يدعونني عالمًا نفسيًا، وهذا خطأ، فأنا ملتزم بالواقعية وحسب، وبأسمى معنى لها، أعني أني أصف أعماق النفس الإِنسانية) وهذا واقع نفسي ذاتي قد اتخذ الطابع الاجتماعي فيما بعد لوصف الحالة الإِنسانية البائسة التي تعيش على هامش الحياة حتى ورثها الاشتراكيون السوفيت فيما بعد وذلك كرمزية واقعية للمجتمع تم استغلالها كبعد سياسي يؤطر لبروباغندا دعت لها طبقة البروليتاريا الحاكمة بما ضمن لها السيطرة وإثبات أن الواقعية الاشتراكية إنما هي حقيقة تعنى بالمجتمع وتقاسم الثروات لذلك شجعت الاشتراكية السوفيتية الأدب الواقعي بقوة واهتمت به اهتمامًا ليس كأي اتجاه آخر في الأدب فالشعر له إسهام في ذلك أيضًا إلا أن الرواية أقرب وأقوى بحيث صياغة الحوار الدرامي والسيناريو القصصي أقرب إلى التأثير والتأثر من الشعر، والمتلقي يحتاج إلى وصف سردي لا يمكن أن يصل إليه الشعر لمقتضى الحال! ولعلّي استشهد بأحد كبار أدباء الواقعية الاشتراكية وهو الروسي مكسيم غوركي الرائد الأول في ذلك حين جسد حالة البؤس والقنوط والفقر ثم النهوض وهي شخصية بول ووالدته في روايته الشهيرة (الأم) التي قادت الأم الثورة حين قُتل زوجها وسجن ابنها الذي ارتمى في أحضانها مقتولاً فيما بعد على معارضتها لذلك في البداية إلا أنها وجدت نفسها مضطرة أن تحمل السلاح على الطبقة البرجوازية الغنية المتنفذة بسبب الظلم الطبقي وما فقدته فكانت الأم شعارًا ودثارًا ليس لعائلتها فحسب بل لكل الثوار! وفي روايته (العبودية) يعوّل غوري كثيرًا على نجاح الاقتصاد الاشتراكي في المجتمع عبر العمل المشترك الدؤوب وليس التقاعس والكسل الذي يفضي إلى الجوع والفقر! فالجد عندما التفت إلى المشردين في الرواية وقال: - آتيان من روسيا؟ فحيّاه آرخب وأجاب: - نعم أيها الروسي الكريم. - أهناك مجاعة؟ هيه؟ وقفز من العربة ولجم حصانها. - إن الصراصير نفسها تموت هناك جوعًا. - كل ذلك كان كناية عن ظلم الملكية الفردية وفشل الدكتاتورية البرجوازية التي أضحت عندهم من الماضي المقيت. ** **