انتصفتَ يا عاما جئتَ قبل طرفة عين.. وقوافل المهاجرين ترنو نحو طَيبة.. وبقايا العروق تنبض في الحنايا.. انتصفتَ، وآمالا كثيرة تحلق في جنبات البُطين، تتجول في حجرات القلب حين يكون مورد الفكرة، ومآل الشجو.. انتصفتَ، وكل الذي كان باقيا فوق الأرفف، وعلى حواف المناضد يستلهم رشفةً ساخنةً من كوب شاي، كأنه الإزميل بأبخرته يرسم المسار!!.. انتصفتَ، ويوم الخميس الذي كان لها «وحدها» شاغرته الرَّوحاتُ، والجيَّاتُ .. يُنهب فيه الطريق، لرحلة، ولمصحة، وللقاء بدَّد فيه دكنُ الفقدِ بهجة البراح، ضاع فيه الصوت، أُغمِضت فيه العينان، وهجد فيه السمع، وقاب قوسين، أو أدنى في الانتظار للرحيل!!.. انتصفتَ، وفزعةُ الجوفِ لا تقوى على ماء يتسلل من بين الأصابع، تُشاغب النقاءَ أتربةُ الطريق.. والناس تمضي، والأجنحة تطير، والأرصفة شتَّتها غربةُ العبور!.. انتصفتَ، وخيمةٌ تدنو لموقع الوتدِ تبحث عن الأمان، والسقوف في فيضة البركان تأهبت للمضي!.. انتصفتَ، وورق التقويم في القطار النازح للغيوب يركض، وإن نَسِيَتْ أن تحرِّكَه مشيئةُ الذات الموهومة بالدوام.. انتصفتَ، وما أنصفكَ الموهومون في فراغ، ولا المدركون في امتلاء.. انتصفتَ يا عاما همَّشوك، وبقيتَ الأمين عليهم.. كم من الشهيق، والزفير قي سُجُف المدى؟!.. وكيف هو نسيج الصدى؟!.. وأنت صامتٌ، صادمٌ، تأخذ الأيام وتمضي؟!.. *** وكلُّ الذي يسيرُ لا يعود!!..