تعتبر التقنية المكسب الأضخم والرخاء الأكبر الذي أنعش الاقتصاد العالمي، وهي القوة الناعمة التي تنمو بها الثقافة والقيم والسياسة المحلية والخارجية، وتأثير نجاح إستراتيجية الاتصال الأمريكية من خلال إمبراطوريات التقنية والإنتاج المركزي، حيث تعتبر نصرًا مدويًّا للشركات الأميركية العملاقة التي استحوذت على المراتب الأولى في قائمة الشركات الأكثر نموًّا خلال عام 2018 من ناحية القيمة السوقية، وسرعان ما أصبحت أهم العوامل في التاريخ المعاصر والقادرة على تحويل العلاقات بين الناس إلى العالم الخارجي. لا سيما أن معظم هذه الشركات تعمل في مجال الإنترنت. من هنا تأتي قوة وقيمة الشركات الأكثر نموًّا في 2018، المتخصصة في تقنيات الحواسيب التي تقدر ميزانياتها بمليارات الدولارات، وتعتمد الفوارق على مستوى المهام، فهي تدفعنا إلى رؤية واقع ممكن لا يتوقف الوعي عن إدراكه، وتشهد على ذلك الشركات الأمريكية العملاقة التي وصلت القيمة السوقية الضخمة لها إلى تريليون دولار. فمثل هذا النهج من شأنه أن يساعد على زيادة استثمارات في القوة الناعمة، وتضاعف من ميزانية الدبلوماسية العامة عبر المجتمعات ويكون لها أثر في التبادل الثقافي والابتكار وتتوجه بشكل رئيس إلى مجالات الحياة اليومية، فإن نجاح العالم الأول، سوف يقترن بنجاحنا ونحن قادرون على تقنية عالم متغير بقوة ناعمة متنامية. ولقد رأينا أن القوة في عصر المعلومات موزعة بين الشركات الأمريكية العملاقة التي تغطي مساحة شاسعة من العالم وقد سجلت بعض مواقع التجارة الأميركية نحو 743 مليار دولار كقيمة سوقية وغيرها من الشركات التقنية بنفس مواصفات القيمة أو ما يعادلها إلى 710 مليارات دولار، رغم تعرضها لانتكاسة تمثلت في فرض الاتحاد الأوروبي غرامة على بعضها بنحو 5 مليارات دولار. لذا، نحن نبحث عن تجارب الآخرين لأن العصر يفرض الاهتمام بالبحث العلمي وصناعة التكنولوجيا وتصنيفات تحظى بكسب مضاعف تروجه لنفسها كونها تزيد قوتها الناعمة، ويقاس السباق بين الدول بمدى تطورها التقني، ووصولها إلى الحاضر وتنويع مصادرها وتحقيق النتائج التي تريدها. لنقل إذن، أن تفوق الأنظمة التعليمية والثقافية تحتل المراتب الأولى من حيث تأثيرها في العالم، فهي اللبنات الأساسية للتغييرمن عجز العقل الباطن إلى مرحلة التأكيد على المواكبة فتجمع بين نمط الإنتاج والتطور على المستوى العالمي ومفاعيل ثورة الاتصال ليحقق بذلك إنسان القوة والإرادة تطلعات عظيمة. وبما أنه عصر الآلة، لماذا لا نطور الآليات التقنية التي زرعت شرائحها تحت جلودنا وامتزجت بدمائنا وحياتنا، ونسعى إلى تنمية تكنولوجية سريعة، لبسط المفاهيم وحركة أنشطة التعلم بوضع أكبر من مستوى التدرج. بل بصيغة إجرائية تكنيكية، باعتبار أن الجيل المعاصر مجزوءة فاعلية وإبداع يجب توظيفها كأدوات لتقنية العلم والطبيعة. لقد آمن العالم بقدرات الإنسان العربي لأنه يستطيع تحويل الواقع إلى جحيم أو إلى منظومة تقنية معلوماتية حديثة، لذلك خضع للتأثير التقني القوي وتوسع في حيازة ما تم برمجته وفق تكوينه وحسب اتجاهه، فهل عزز هذا التأثير بما تنتجه الشركات الأمريكية طابع الاكتفاء الذاتي للتقنية، أم أنه يصعب منافسة طبقة مهيمنة في سوق الإنتاج. لا شك أن الشركات العالمية الموجودة في دول الخليج تحقق مكاسب كبيرة لأن القوة الشرائية أكبر، بما تقدمه من عروض ضخمة للمستهلك الخليجي، ولكن لا بد من مشاركتها في تدريب وزيادة مستويات الكفاءة التشغيلية من أبناء البلد، بحكم استثمارها بشكل متزايد ووضع ذلك في شروط الاستثمار كبند أساسي في الاتفاق.