احتفل الوطن الأحد الماضي بافتتاح حي الطريف، المعلم الأهم في الدرعية التاريخية، والمسجل في قائمة التراث العالمي لليونسكو من خلال الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وشركائها في هيئة تطوير مدينة الرياض ومحافظة الدرعية. ومثلت هذه الاحتفالية الكبيرة التي رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله تتويجا لمشروع تطوير الدرعية التاريخية الذي تنفذه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والذي بدأ بافتتاح حي البجيري وتستكمل بقية المشروعات التطويرية من خلال هيئة تطوير بوابة الدرعية. ويهدف المشروع إلى تطوير الحي التاريخي بإعماره وتحويله إلى مركزٍ ثقافي سياحي دولي، وفقاً لخصائصه التاريخية والثقافية والعمرانية والبيئية في إطارٍ عصري، ووضعه في مصاف المدن التراثية العالمية. وعن فكرة تطوير الدرعية قال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عضو اللجنة العليا لتطوير الدرعية أنها بدأت في عام 1416ه. وأضاف سموه: «كنت في حوار مع سيدي الملك سلمان -حفظه الله- أمير الرياض آنذاك، ونحن في السيارة متجهون إلى مناسبة في منزل أمير الدرعية (المحافظ) الشيخ محمد الباهلي -رحمه الله- بحضور عدد من أهالي وأعيان الدرعية، فذكّرته -يحفظه الله- بطموحاته التي سمعتها منه باستعادة الطريف والدرعية لدورها التاريخي الرمزي على المستوى الوطني، وعمله الدؤوب خلال السنوات التي سبقت ذلك من أجل تحقيق هذا الهدف، فتفاعل أيده الله مع ذلك الحديث، وكلفني -أيده الله- برئاسة لجنة لدراسة تطوير الدرعية التاريخية اشترك في عضويتها كل من رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ووكيل وزارة المعارف المساعد للآثار (آنذاك)، ورئيس بلدية الدرعية، وتلا ذلك زيارات متعددة قام بها -حفظه الله- للموقع خلال الأعوام التالية، حتى تشكيل لجنة عليا لتطوير الدرعية بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- بتاريخ 17-6-1419ه برئاسة أمير الرياض، عملت على تنفيذ مشروع متكامل يشمل مجموعة من المشاريع التطويرية والبرامج الثقافية والتراثية والبيئية والأنشطة الاقتصادية والترفيهية. على إثر ذلك تم اتخاذ عدد من الإجراءات ونفذت مجموعة من الدراسات المتخصصة ووضعت التصاميم المتنوعة وفقاً لأهداف التطوير. ومن أبرز تلك الإجراءات إقرار الخطة التنفيذية النهائية لتطوير الدرعية والتي اشتملت على مجموعة من البرامج والمشاريع، التي تتولى الهيئة العليا لتطوير الرياض تنفيذها بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة وبالتنسيق مع محافظة وبلدية الدرعية والجهات ذات العلاقة. وقد أولى الأمير سلطان بن سلمان أهمية خاصة بالحفاظ على الدرعية التاريخية، ورفع مقترحا لتطويرها نتج عنه هذا المشروع الذي يمثل نموذجاً ناجحاً للعمل بمنهج الشراكة بين الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ومحافظة الدرعية، وتابع سموه مراحل العمل في المشروع من خلال زياراته المتتابعة للموقع، إضافة إلى تبنيه ومتابعته لملف ضم «الدرعية التاريخية» لقائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو. نموذج ناجح للعمل بمنهج الشراكة انطلقت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض من توصيات «اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية»، وعملتا بشراكة كاملة لبلورة الفكرة الأساسية للمشروع والعمل على تفاصيله، وتوجيهه نحو التطوير المتوافق مع أعلى المعايير الدولية والتجارب الناجحة في تطوير المواقع التراثية، وقدمت هيئة السياحة ما تملكه من معرفة في تطوير المواقع السياحية، وأسهمت فيه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بخبرتها العريضة في الإشراف على المشاريع الكبرى، مع الاستعانة بإسهامات عدة جهات في مجالات عملها من أبرزها محافظة الدرعية، ودارة الملك عبد العزيز. نطاق عمل هيئة السياحة في مشروع تطوير الدرعية يتمثل نطاق عمل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في مشروع تطوير الدرعية في الإسناد الفني والعلمي المتخصص للمشروع، والمشاركة في مراجعة وتقييم المخططات الهندسية لمشاريع حي الطريف، وباقي أحياء الدرعية التاريخية. إضافة إلى تنفيذ أعمال التنقيب الأثري الاستطلاعي في الموقع، والإشراف على أعمال حفريات البنية التحتية لحي الطريف للحفاظ علي أي ظاهرة معمارية. كما تتولى الهيئة مراجعة سيناريوهات العروض المتحفية، والمشاركة في إعداد خارطة بمواقع الأحداث التاريخية في حي الطريف والدرعية التاريخية، والمشاركة في وضع الأفكار الأولية والتصور العام لتصميم حي البجيري وحي الطريف. اعتماد الدرعية التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي توجت جهود الدولة في حماية الدرعية التاريخية، وما يحظى به الموقع من أهمية تاريخية، باعتماد ضم الموقع لقائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو بتاريخ 19 شعبان 1431ه الموافق 31 يوليو 2010م. وجاءت «الدرعية التاريخية» في الموقع السعودي الثاني المسجل في قائمة التراث العالمي بعد موقع الحجر (مدائن صالح) الذي سجل في قائمة التراث العالمي التابع لليونسكو عام 1429ه (2008م)، وتلا موقع الدرعية التاريخية موقع جدة التاريخية الذي تم تسجيله في العام 1435ه (2014م). وحظي موضوع تسجيل الدرعية التاريخية في قائمة التراث العالمي باهتمام خاص ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة، وقد صدرت موافقة المقام السامي الكريم على تسجيل حي الطريف بالدرعية التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي وتم الرفع إلى لجنة التراث العالمي بطلب تسجيل الموقع، وتم تسجيل الموقع بعد جهود كبيرة ومهام ومشاريع متعددة. واليوم تستكمل من المسيرة التي بدأتها هيئة السياحة والهيئة العليا لتطوير الرياض من خلال هيئة تطوير بوابة الدرعية لتتضافر الجهود الحكومية لتطوير هذا الموقع التاريخي الرائد.