صدر حديثًا للأستاذ الناشر والباحث عبد الله الماجد كتاب جديد بعنوان: «صوت الخيام: الرباعيات بين الانتحال والتدوين»، عن دار المريخ، 2018 في ثلاث وسبعين وأربع مئة صفحة، استهلها المؤلف قائلاً: «منذ أكثر من ثلاثين عامًا، أتاح لي شيخي العلامة أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري - أمد الله في حياته - اكتشاف عالم عرب الخيام، وهو يقوم بإعداد بحث عن: (الفناء الباقي في رباعيات الخيام وغرامه لفلسفة الكوز)، فقد ظن بي ما لم أكن أظنه في نفسي، فدعاني إلى مشاركة في ذلك البحث، رغم حداثة خبرتي، إذ كنت وقت ذاك برعمًا في طور التفتح والنشوء، ومع ذلك راهن مع نفسه وجعلني أشاركه في التأليف، وللحقيقة، فإن دوري أقصر على التحرير، والبحث في مضان مراجع البحث، وكان ذلك بمنزلة التعلم على مجالدة البحث والدراسة، وكان يقول لي حينذاك: «إن التعلم يؤخذ جثوًا على الركب». ومضى الماجد في تقديمه حول فكرة الكتاب، وعن سياق هذه التجربة، التي تعد بمنزلة (عتبة) التعلم والممارسة، وتدريب الركب على الجثو، مضيفًا: «لقد نشر ذلك البحث في إحدى الصحف، ثم نشره في كتيب، واضعًا اسمي مشاركًا في التأليف، وصدر الكتاب في طبعته الثالثة عام 1978م، ومما استفدته من ذلك أيضًا، أنني قرأت معظم الترجمات العربية للرباعيات، وحتى وقت دراستها، كما أنني اطلعت على معظم المصادر العربية والمترجمة التي تطرقت لحياة الخيام، ونمت عندي ذائقة أخرى جديدة، أضفتها إلى ما لدي، فظل الخيام ورباعياته قابعًا في ذاكرتي، حتى قبل عشر سنوات، عندما اتيقظ وانتفض مجددًا، وهو الذي لم يمت من ذاكرة الزمن، عندما طرحت فكرة اختيار مجموعة من الرباعيات، وإعادة صياغتها، على الناشر الإنجليزي (هيلين إكسلي)، لينشرها، وهو ناشر متخصص في نشر كتب «الجيب»، التي ينشرها بلغات عالمية مختلفة، ثم تترجم هذه المختارات إلى لغات أخرى منها العربية - التي تحمست لإعادة صياغتها في الترجمات العربية المختلفة - وفعلاً أنجزت هذه الصياغة الجديدة للرباعيات، وللأسف فإن الناشر الإنجليزي أخبرني - فيما بعد - أن مشروع الإصدارات العربية الذي كان قد تم إنجاز أكثر من (40) عنوانًا منه باللغة العربية، أنجزته دار المريخ للنشر لهذا المشروع، قد توقف! بسبب قلة توزيع هذه إصدارات في العالم العربي، فكرهت أن أقول له: إننا في العالم العربي أمة لا تقرأ! مع أننا أمة اقرأ! وأن ثقافة القراءة من كتاب لم تتجذر في ثقافة أمة اقرأ! وأنا أعلم أن مشروعه قد احتوى على أكثر من (35) لغة، توزع في أنحاء العالم، وقد فرحت أن تكون اللغة العربية واحدة من هذه اللغات، ولكنني طويت حزني غصة وخجلاً، مع علمي أنه يعرف الأسباب!» ومضى الماجد في سرد تفاصيل (حكاية) هذا الإصدار بما صحبها من غصات، وما وقف في دربها من حالات الأسى والأسف على القراءة في عالمنا العربي عامة، وعلى «شح» قراءة أمة اقرأ للكتاب، وكأنه يواجه التحديات بالإصرار على إكمال مشواره لنشر هذا الكتاب، قائلاً: «عاودني الحنين إلى صاحبي «الخيام»، - الذي صاحبته ولا زلت- كل تلك السنوات، فقررت أن أطور فكرة المشروع، إلى دراسة تتناول حقيقة الرباعيات، وجعلت بذرتها تلك المختارات من الرباعيات، التي تمت إعادة صياغتها، والتي سميتها: «صوت عمر الخيام»، وتذكرت أن الحزن والأسى على فقدان الحياة، الذي تفيض به الرباعيات، ما زال يعتريني على فقدان نشرها عالميًا، ولكن الفرح و»اهتبال» الحياة، الذي عبّرت عنه الرباعيات كذلك، هو الذي يشعرني بالغبطة لإخراجها وإصدارها مجددًا في هذا العمل». وقد جاء الكتاب في خمسة فصول، ضمَّن كلا منها المؤلف جملة من الموضوعات المتناغمة في سياقات كل فصل من فصول كتابه، حيث حمل أول الفصول عنوان: الرباعايات مجددًا؛ تلاه الثاني عن: الرباعيات بين الانتحال والتدوين؛ فيما استعرض الماجد في ثالث فصول كتابه (مترجمو الرباعيات)، بينما جاء رابع الفصول بعنوان: الرباعيات بين الشعر والفلسفة؛ وصولاً إلى آخر فصول الكتاب الذي جعل الماجد عنوانه عن: المناحي الفنية في الرباعيات.