السيرة العطرة والذكر الحسن هي ما يبقى للإنسان في هذه الحياة الفانية، ومن بين من أجمع الناس على حبه وشهدوا لكرمه وشهامته وحسن إدارته، وأنه جُبل على التواضع والشهامة، حيث لا يكلّ ولا يملّ من قضاء حوائج الناس حتى أصبح عنوانه ملجأ للمحتاجين لشفاعة أو قضاء حاجة، ورغم ظروفه المالية إلا أن كرمه فاق الحدود، ويعجز عن وصفه الواصفون، هذا هو الشيخ الوجيه الكريم صالح بن سليمان الزكري رئيس مركز حوطة سدير الذي فاضت روحه إلى بارئها ظهر يوم الجمعة الموافق 8-3-1440ه، وصلي عليه بعد صلاة العصر من يوم السبت 9-3-1440ه بحوطة سدير، ودفن في هذه المدينة التي أحبها وأحبته وعمل على تطورها وتوسعها حتى غدت تضاهي المحافظات الكبيرة، بذل من ماله وجهده وصحته فيها الشيء الكبير، استلم رئاسة مركزها، مدينة صغيرة، والخدمات بها قليلة، وتركها وهي مدينة كبيرة، جميع الخدمات بها مكتملة، لم يتوانَ عن تعزيز مسيرتها ومراجعة الدوائر الحكومية بالعاصمة لرفعتها، وفِي آخر عمره لم يثنه المرض ونقص البصر عن المطالبة بما ينقص مدينته. هو نجم من نجوم سدير المضيئة، رجل يضرب به المثل في الكرم والتواضع وحسن الخلق، مدرسة في كل أمور حياته، وتقف حوطة سدير شاهدة على حسن إدارته، بالكرم هو مضرب المثل، وجباته الثلاث لا يأكلها وحده، بابه مفتوح 24 ساعة، ومجلسه عامر ليل نهار، لن تتخلص منه إذا زرته مسلماً من دعوتك على الغداء أو العشاء، لا يأتي مسئول لسدير إلا ابتهر من كرمه وأريحيته التي لا توصف، ناهيك عن تواضعه ولين جانبه وحسن مجالسته، لا تخلو من فائدة تخرج بها من مجلسه، أو تتعرف على مرتاديه من أصحاب الخبرة أو الجاه، لا يدعى لمناسبة إلا أجاب داعيه مهما كان، لا يتوانى عن عيادة المريض وزيارة الكبير والصلاة على الجنازة، فتجده يتردد على الرياض أياماً متتالية ليلبي الواجبات الاجتماعية، أما تربيته لأبنائه فقد تشربوا من والدهم الصفات الحميدة والعادات المجيدة والكرم والتواضع وحب الناس لهم، نسيج خاص في البروتوكول وتنزيل الناس منازلهم، ولقد كوّن علاقات فريدة مع المسئولين سواء إبان عمله مديراً لأحوال سدير أو رئاسته لمركز حوطة سدير، وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله ورعاه- يكنّ له كل تقدير واحترام، ومنحه من الصلاحيات إبان قيادته لإمارة الرياض الشيء الكثير؛ لمعرفته به وحبه لقضاء حوائج الناس ومعاملاتهم بدون تعقيد أو غمط لحقوق الناس، لا يحمل في نفسه غلاً لأحد حتى لمناوئيه، كان همه تطوير حوطة سدير ورقيها وخدمة أهلها، وأذكر عند تقاعده حسب رغبته وترك رئاسة المركز لابنه فهد، أن دعيت عبر جريدة الجزيرة الغراء بالعدد رقم 13866 الصادر بتاريخ 6-10-1431ه، لتكريمه تحت عنوان (دعوة لتكريم صالح الزكري) ولكنه رفض التكريم تواضعاً منه -رحمه الله-. إن في مسيرته الحياتية والعملية من الأعمال ما يسطر بأحرف من نور، ولفرائده وكرمه ما يكتب بماء الذهب، إن سدير قاطبة تنعي نجماً هوى وعظيماً فقد، وباب كرم سد، وعلماً من أعلامها وكريماً من كرامها وملجأ يلجأ إليه المحتاج لشفاعة وقضاء حاجة، رحمك الله يا أبافهد، تعجز عن ذكر مآثرك، والقلم يحير في تأبينك، لقد كنت قمراً مضيئاً في سدير يهتدي به الساري. العزاء لزوجتك الكريمة الصابرة المحتسبة أم فهد، ولأبنائك فهد ومحمد وسليمان وإبراهيم وسعد وزكري وناصر وعبدالله وعبدالمحسن، ولبناتك الجوهرة ولطيفة وهيا وهيكلة ونورة، ولأحفادك ولأسرة الزكري ولبني زيد، ولأهالي سدير، ولمحبيك الكثر، اللهم إن عبدك صالح الزكري في ضيافتك، اللهم أكرم وفادته، ويمّن كتابه، وهوّن حسابه، وليّن ترابه، وألهمه حسن جوابه وطيب ثراه، وأكرم مثواه، واجعل الجنة مستقره ومأواه، اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد، ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم ارفع درجته في عليين، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ** **