أكد خبير السندات ب«الجزيرة» أنه على الرغم من خروج تأكيدات أوائل هذه السنة من أن ثلاثة بنوك سعودية تنوي إصدار أدوات دين دولارية إلا أن المراقبين أبدوا استغرابهم من عدم صدور تلك الأوراق المالية عندما حانت الفرصة المواتية خلال الربع الثالث من هذه السنة. وقال محمد خالد الخنيفر المصرفي المتخصص بأسواق الدين والائتمان: «بحسب ما يدور داخل أوساط البنوك فإن سبب تأخير تلك الإصدارات يرجع الى وجود مطالبات زكاة عليهم. هذا الموضوع يؤثر على مسألة الإفصاح بنشرات الإصدار ذات الصلة. فضلاً عن أن مسألة عدم اليقين حول موعد حسم هذا الملف يزيد من احتمالية وجود علاوة إصدار لتبرير تلك المخاطر (مما يزيد تكلفة التمويل). أما عن سبب توجه تلك البنوك لأسواق الدين بالرغم من وفرة السيولة المصرفية، فيرجع لكون تلك البنوك ترغب بتعزيز مستويات رأس المال عبر الصكوك المتوافقة مع متطلبات بازل 3 وبالتحديد مع رأس المال المساند للشريحة الثانية (Tier 2). سبب آخر لدعم القاعدة الرأسمالية للبنوك وهو التوقع بأن يستعيد «نمو الائتمان» عافيته بسبب التوجه الحكومي نحو تحفيز النمو الاقتصادي، مما يعزز الطلب على القروض المصرفية». الخطر القادم من «الواقع الجديد» وأردف المصرفي المتخصص بأسواق الدين والائتمان قائلاً: الرغبة تجاه إصدارات أدوات الدين موجودة بالمنطقة ولكن المعضلة تدور حول التحديات الجديدة التي تزيد تكلفة التمويل على الشركات. الواقع الجديد هو ملاحظتنا أن جهات الإصدار الخليجية تقوم بتسعير إصداراتها الجديدة من أدوات الدين بعلاوة سعرية مقارنة مع منحنى العائد الفعلي الموجود بالسوق الثانوية لإصداراتها السابقة المدرجة بالأسواق العالمية. وسبب ذلك يرجع لأوضاع السوق وكون ارتفاع الفائدة يؤثر سلبيًا على أسعار أدوات الدين عبر جعلها تتداول بخصم عن قيمتها الإسمية. تجيير الأوضاع وقال الخنيفر: الخيار الأمثل هو تأجيل الإصدارات إلى الربع الأول. السبب هو أن المستثمرين سيستغلون مسألة «المبالغة في ردة الفعل» تجاه «عناوين الأخبار السلبية» وكذلك الأحداث الجيوسياسية بالمنطقة التي تعود إلى أكثر من 100 سنة (والتي لم يتعود المستثمرون الجدد عليها بعد). وعليه سيجيرون تلك الظروف لصالحهم ويطالبون بعلاوة سعرية (غير عادلة) على الإصدار كما فعلوا مع إصدار الصكوك السيادي لعمان في أكتوبر الماضي. مع العلم أن هناك بعض الشركات الخليجية قد لا تمانع من أن تكون سخية تسعيرياً مع المستثمرين عندما تصدر أدوات الدين الخاصة بها هذه السنة. تأثير الذهب الأسود وأضاف الخنيفر: بالنسبة لتأثير أسعار النفط على حركة أسواق الدين للشركات الخليجية، فهذه العلاقة باتت تتلاشى بسبب ظهور عوامل أخرى مؤثرة بالمنطقة. ومع هذا تأثير أسعار النفط سيرجع للواجهة عندما تكون الأسعار أقل من 40 أو أعلى من 90 دولار للبرميل. أموال الأوقاف وقال الخنيفر: تتميز السعودية بوجود العديد من الأوقاف والتي تتعدى قيمتها العديد من المليارات. إلا أن ما يلاحظه البعض عدم توجه تلك الأوقاف نحو دعم أسواق الدين المحلية (لاسيما مع المشاريع التنموية). حيث أرى أن ذلك ممكناً في حال كان «صندوق الوقف» حاصل على تصنيف ائتماني مرتفع. بحيث يقوم الصندوق بلعب دور «ضمان الطرف الثالث» لجهات الإصدار التي تتعهد بأن يتم توجيه متحصلات الإصدار نحو المشاريع التنموية. فهذا الضمان الكامل من شأنه أن يخفض تسعير تلك الصكوك لجهة الإصدار ذات التصنيف الائتماني المنخفض. تسعير الصكوك الحكومية وأضاف الخنيفر: عند مقارنة عوائد الأرباح الخاصة بإصدار سبتمبر مع نظيرتها بأغسطس، نجد أن المعدل المتوسط للزيادة الملحوظة بالعائد تلامس 14 نقطة أساس لكل شريحة. وكما هو معروف فلقد تم تغيير آلية تسعير الإصدارات الحكومية وذلك عبر الاستعانة بمنصة خاصة بالمزاد يدخل فيها المتعاملون الأوليين أسعار معينة لا تتجاوز السقف التسعيري المحدد الذي وضعه مكتب الدين. حيث لاحظنا أن هناك ارتفاعًا متسارعًا في نسبة العوائد الدورية التي يتم دفعها للمستثمرين، وذلك بعد تغيير آلية التسعير. من ضمن الأسباب الارتفاعات القياسية التي شهدتها عوائد سندات الخزانة الأمريكية (خصوصاً في ظل عدم توفر منحنى عائد سيادي نشط بالسوق الثانوية بسبب محدودية التداولات على هذه الأوراق المالية).