دراسات قليلة حديثة ومعاصرة ألقت الضوء على مناهج التأليف في تراثنا العربي الأدبي والنقدي والإسلامي عامة، منها: «النقد المنهجي عند العرب» للدكتور محمد مندور (1946م)، و«مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية» للدكتور ناصر الدين الأسد (1956م)، و«مصادر الدراسة الأدبية» ليوسف أسعد داغر (1961م)، و«دراسة في مصادر الأدب» للدكتور الطاهر أحمد مكي (1968م)، و«مناهج التأليف عند العلماء العرب» للدكتور مصطفى الشكعه (1973م)، وما تناثر عن مناهج النقاد القدامى ومؤلفاتهم في كتب تاريخ الأدب العربي على كثرتها، لكارل بروكلمان وجورجي زيدان والرافعي والدكتور شوقي ضيف وغيرهم، وهذه الدراسات منها ما تناول الموسوعات العربية والتراجم وقواميس اللغة، ومنها ما ارتكز على مصادر الأدب، ومنها ما اعتمد على التعريف بمناهج النقد القديم وأصوله واتجاهاته ورواده، وكلها اختار أصحابها حسب منهج التناول كتبًا محددة، فوضحوا طرق التأليف ومنهج المؤلف وأهم القضايا التي عالجها في النقد القديم. أما الأستاذ الدكتور عبد العزيز الفيصل –حفظه الله- فقد أصدر كتابه «النقاد القدامى ومناهجهم» سنة (2018م)، في مجلدين اثنين يضمان تصاعديا من حيث الزمن ثلاثة وعشرين «ناقدا» أسسوا وأزهروا وأثمروا مناهج في النقد العربي القديم شرقا وغربا، بداية من محمد بن سلاَّم الجمحي (232ه)، منتهيا إلى حازم القرطاجنّي (684ه)، مرورا بابن السكيت، والطوسي، والجاحظ، والسكري، وابن قتيبة، والمبرد، وثعلب، وابن المعتز، وابن الأنباري، وقدامة بن جعفر، والنحاس، وأبي علي القالي، والآمدي، وعلي بن عبدالعزيز الجرجاني، وابن جني، والمرزوقي، وعبدالقاهر الجرجاني، والأعلم الشنتمري، والزوزني، والبطليوسي، والتبريزي، وقد عمد الدكتور الفيصل إلى اختيار هذه الفترة التي تراكمت فيها بتتابع الزمن وتوالي المؤلفات خبرة النقاد، وامتدت آماد الإبداع الأدبي وطوفت على ثقافات العالم القديم، واتسعت حركة الترجمة، وازدهرت حقول النقد وتوالدت مناهجه ومدارسه خلال ما يزيد على (452سنة) بين المشرق العربي والأندلس، بعض النقاد لم يتناولهم مثل ابن عبد ربه الأندلسي (328ه) في كتابه الشهير «العقد الفريد»، ربما لرؤيته الخاصة التي توافق رأي الصاحب بن عباد (385ه) في الكتاب حينما علق عليه قائلا: «هذه بضاعتنا ردت إلينا»، فجوهر الكتاب مأخوذ من المشارقة، ولم يجد في نتاج الأندلسيين آنذاك ما يدل على اكتمال الوجدان الأندلسي. وقد وقف الدكتور الفيصل أمام كل ناقد من هؤلاء النقاد ممعنا في إضاءة كل ما كان يتصل به كأنه يعيش معنا، متحدثًا عن ثلاثة عناصر أساسية: المؤلف الناقد ومؤلفاته، ومنهج النقد الخاص بكل ناقد في مؤلفاته النقدية، ثم تطبيقات المنهج على نصوص اختارها الناقد، ونصوص اختارها الدكتور الفيصل مطبقا عليها فهمه الخاص بالناقد ومنهجه، فكأنه يتناول النص الذي اختاره نيابة عن الناقد القديم، ودائما يختار هذا النص قصيدة كاملة؛ فالأغلب الأعم أن نقادنا القدامى يطبقون على مقطعات شعرية أو أبيات مفردة، وهذه القصيدة التي اختارها الدكتور الفيصل قد مر عليها الناقد القديم وطبق منهجه على أبيات منها، فيتحمل الناقد الدكتور الفيصل بإكبار المجد المجدد ورؤية الأكاديمي الذي يحيا هموم حرفتي الأدب والنقد مسؤولية هذه القراءة الجديدة، وهو يعيد توجيه الخطاب النقدي إلى المتلقي المعاصر من طبقات المتخصصين والمثقفين وطلاب العلم في الجامعات العربية والأجنبية، المهتمين بالنقد العربي القديم ومؤلفاته ومناهج نقاده البارزين. يقول الدكتور الفيصل موضحا منهجه: «ومنهج البحث يقوم على الاستقراء والتتبع واستخلاص الأسس التي قام عليها منهج الناقد، ومن خلال الاستقراء الموصل إلى نتيجة أكون قد حققت ما أريد بجمع الملحوظات من أعمال الناقد نفسه، يضاف إليها ما كتب عنه من وصف أعماله أو تقريظها، والمنهج الذي استخلصته وصنعته وأثبته منهجا منفردا للناقد هو منهجي في تناول نص أطبق عليه منهج الناقد، وعملي هذا قائم على إثبات منهج الناقد وإمكان تطبيقه على الأعمال الأدبية، ومن هنا فالمنهج المستعمل في تناول الأعمال الأدبية مختلف، فكل ناقد له منهج يختلف عن منهج الناقد الآخر، وقد يحصل اتفاق في بعض نقاط تلتقي عندها بعض المناهج، ولكن الأصل الانفراد» (1). فمن حيث الناقد المؤلف سعى الدكتور الفيصل -في كل ترجمة لكل ناقد- إلى الإحاطة الكاملة بالناقد إنسانا أولا: والديه وأسرته وعروقها وميلادها وظعنها وإقامتها وحرفة أفرادها ومراحل اهتمامهم بالعلم وأسباب هذا الاهتمام، بين طبيعة الرغبة في العلم واتخاذ العلم وسيلة للعيش، ثم تخصيص الناقد من بينهم بموقعه في أسرته، وصفاته الدقيقة التي عرف بها، من صحة ومرض ونوع المرض وأطبائه، وكرم وبخل وطول وقصر وجمال وقبح، مستشفا أحوال الناقد النفسية ومؤولا تصرفاته وتوجهاته وعلاقاته بناء على علمه الدقيق ببيئته ودخائلها، وشيوخه وتلامذته، ثم خصائص تفرده العلمي والثقافي وإقباله على دقائق النقد؛ فاستعان الدكتور الفيصل بترجمة الناقد من كل مصدر أو مرجع يضيف قديمًا أو جديدًا في سيرة المؤلف، فمثلاً عندما وقف عند الجاحظ –بالإضافة إلى ما سبق- أشار إلى دور أمه في حثه على العلم ومن ثم نبوغه، كما أشار إلى الجاحظ شاعرًا وأورد له من شعره، وذكر المحسنين الذين حثوا أو أثابوا الجاحظ على تأليفه بعض كتبه، وتتبع حياة الجاحظ من تاريخه طفلاً في يد أمه، إلى الجاحظ يجمع بين التأليف والقراءة والعمل في بيع الخبز والسمك في أسواق البصرة، ثم يكتري دكاكين الوراقين ويبيت للنظر في كتبها ليكون أحد أكبر نوابغ كُتّاب العربية، حتى يصير مريضًا مفلوجا منقرسا يرحل بين كتبه في سلام سنة (255ه) وقد نيف على تسعين سنة. هذا التتبع السردي لترجمة الجاحظ تحيلها إلى قصة مكتملة العناصر الفنية، وهذه طريقة الدكتور الفيصل في عرضه لترجمة كل ناقد، مع تفصيلات أدق لو لزم الأمر كما في قصة وفاة ابن قتيبة إثر أكله «الهريسة»، وأحيانا يؤلف الدكتور الفيصل بين خبرين كما في سيرة النحاس (338ه) بين الإشادة به واتصافه بالبخل واللؤم في ترجمة ياقوت الحموي، وأحيانا تستوقفه أستاذيته تماما أمام معلومة نحوية رأى ألا يتجاوزها دون شرحها بأسلوب أدبي سهل لطيف رغم تعقدها، ففي ترجمة حاجي خليفة (1068ه) في كتابه «كشف الظنون» لحازم القرطاجني (684ه) ذكر قصيدته الميمية في النحو وأن ابن هشام الأنصاري (761ه) أورد منها أبياتا في كتابه «المغني» في «المسألة الزنبورية»، يقول ابن هشام في المغني: «قالت العرب: قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزُنبُور فإذا هو هي، وقالوا أيضا: فإذا هو إياها، وهذا هو الوجه الذي أنكره سيبويه لما سأله الكسائي»، فيعود الدكتور الفيصل إلى أصل قصة المسألة النحوية تفصيلا في مناظرة أعدها يحيى بن خالد البرمكي في مجلسه بين سيبويه (180ه) والكسائي (189ه)، وكيف أجهد الكسائي وتلامذته سيبويه لينفض الاجتماع بانتصار الكسائي بشهادة النحاة حضور المجلس، ويفسر الدكتور الفيصل في الهامش جواز رفع ما بعد إذا ونصبه على الحالية، فالعبارة «فإذا هو إياها» مثل «فإذا زيد جالسا». وهكذا لا يترك قارئه في حيرة أو لبس، فيفيض دائما من موقع المعلم الأستاذ الأكاديمي متخيلا دائما حاجة طلاب العلم إلى هذه التفاصيل العلمية الدقيقة، ميسرا ما وسعه التيسير. ومع كل ترجمة تزيد المعارف وتتصاعد المعلومات عن النقاد إذ يأخذ بعضهم عن بعض، ويتعلم لاحقهم من سابقهم، فتزداد معرفتنا بتطور رؤيتهم لفكرة المنهج وأسرارهم وأبعادهم المعرفية في اقتناص الفهم الدقيق لكل نص يتناوبونه في مؤلفاتهم، وهو يرى أن كل تقرب إلى الناقد يهون من مقاربة النص الأدبي، وهذا أسلوب في الترجمة يجمع بين المنهج التاريخي والنفسي والاجتماعي. وأما من حيث المنهج الخاص بكل ناقد في مؤلفاته، فالدكتور الفيصل يتوحد تماما مع كل ناقد في أثناء عرض منهجه، ويحدد أولا تصانيف الكتب بين مطبوع، ومخطوط، ومحقق: جيد وغير جيد، وموجود، ومفقود، وموضع ذكر الكتاب ومن ذكره، ويتتبع في رفق وتؤدة منهج كل كتاب ليستخلص منهجًا واضح المعالم، ولأنه أستاذ أكاديمي فهو يتناوب الخطاب باسم الناقد مرة وباسمه مرة موجهًا هذا الخطاب إلى طلابه والمتلقين العرب الذين عانوا كثيرًا من غموض المناهج النقدية المترجمة في العصر الحديث، فالناقد الدكتور الفيصل يعتمد على إظهار خصوصية النقاد المبدعين وعبقرياتهم في كل كتاب؛ ليبني معايشة تامة بيننا وبين الناقد وكتابه؛ وليسد ثغرة في الاستقراء العام للنقد القديم، وفي بساطة يتتبع خطى المنهج الكلاسيكي كما رسخ عند أرسطو ومن ثم الغرب في حفاظهم على الأصول الأدبية والتقاليد العريقة وترسيخها في ضمير النقد الغربي الحديث، ولكنه يضيف إلى هذه الطريقة طرقا من النقد التاريخي والنقد التفسيري والنقد التأثيري والنقد النفسي، فيراوح الدكتور الفيصل بين التلقائية والمهنية، وقد يكون نقده درسا للقيم الجمالية للوصول إلى قيم أسمى تتصل بنظرته الخاصة إلى الحياة العملية والعلمية والمبادئ الأخلاقية، وهي طُرز مزيج من علم الجمال والنقدِ كما يراها هارولد أوسبورن (2)، وكما يراها عدد من سدنة النقد الأدبي الحديث. وطرائق النقد عموما ما هي إلا طرائق لفهم الحياة والناس من خلال فهم النص الإبداعي ومراميه، والأمر لا يخلو من مراوحة رأيه الانطباعي مع دلالة النصوص النقدية والأدبية، كما سعى إلى نقد أسلوب الناقد القديم؛ لكي يعيد النظر ويقيم الح وار بينه وبين المتلقي، وكثيرًا ما يحكم على النص محل التطبيق حكمه الخاص وهو بذلك يجدد الصلة بين الناقد القديم والمتلقي المعاصر فيقوم بدور المفسر الأسلوبي والنفسي، فيقرن علم النقد بعلم النفس وتاريخ الأدب. فعندما انتهى من عرض منهج ابن قتيبة (276ه) في كتابه «الشعر والشعراء» اختار قصيدة الأخطل: بانت سعاد ففي العينين ملمول من حبها وصحيح الجسم مخبولُ نموذجًا لتطبيق منهج ابن قتيبة عليها، وهو بذلك يعالج القصيدة من خلال منهج ابن قتيبة في كتابه، فيقول الدكتور الفيصل: «وموضوع هذه القصيدة الهجاء، والغضب شرط للهجاء، ولكننا نلحظ اختصار الهجاء الذي جاء في آخر القصيدة حتى إننا نظن أن غضب الشاعر محدود، فالوئام بين أجزاء القصيدة من غزل ووصف الناقة ثم وصف الحمار وأتنه ثم الهجاء يتوافر في الأجزاء المتقدمة على الهجاء، ولكن الهجاء لم يعط حقه من التوسع وتعديد المثالب، كما يفعل جرير في هجائه، إن اجتزاء الهجاء في أبيات قليلة قد يعد مأخذًا على الشاعر في هذه القصيدة التي أنشئت من أجل الهجاء» (3) . فمن خلال وعي الدكتور الفيصل بمنهج ابن قتيبة جاء تحليله للنص باحثًا عما يرتقي بالنص أو يهوي به يقول: «إن الذي نهض بهذه القصيدة هو ألفاظها المنتقاة وليس ما تحمله من صفة ذم لقبيلة كلب، ثم إن انتظام المضامين في أجزاء القصيدة بالإضافة إلى انتظام الأبيات أعطى القصيدة قبولاً من قبل المتلقي فلم نلحظ نشازًا بين الأبيات، بل إن البيت يتآخى مع ما قبله وما بعده، فالبيت المرتبط بما تقدمه أو جاء بعده في المعنى هو البيت الذي لا يُفهم معناه إلا بقراءة البيتين معًا، أو سماع البيتين معًا وهذا لا نجده في أبيات القصيدة» (4) . وعندما «يبسط» -مثلا- الدكتور الفيصل القول في منهج ابن سلام (231ه) يُجمل المنهج في عبارات سهلة متداولة، ولكنها تكتنز بقيم وقوانين وأعراف ومقاييس شديدة التعقيد عند الناقد القديم، يقول الدكتور الفيصل: «منهج ابن سلام في تقويم الشعر والوصول إلى الجيد منه مبني على اهتمام العرب بالشعر»، فهذه العبارة يُجليها في أكثر من عشر صفحات متتبعا فكر ابن سلام في دقة متناهية وهو يمهد لقول عمر رضي الله عنه موصولا بالسند: «كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه»، فيكتب عن حضور الشعر في أندية العرب واتكائهم عليه في شرفهم وفخرهم وحسبهم جيلا بعد جيل، فلولا الشعر ما عرفنا كرام العرب وصفاتهم، ولا أيام العرب وشرف القبائل، كما تناول مدارس الرواة وعلماء العربية وتخصصهم الدقيق، وحافظة العرب التي وسعت كل ما أبدع العرب، وكيف قسم ابن سلام طبقاته بعد اطلاعه على كل ما قيل من شعر العرب، ونجاة ابن سلام من الأحكام المرتجلة؛ لأنه يعول على التعليل والحجة، ثم يشرع شارحا منهج ابن سلام في تناول النص الشعري، فابن سلام يشترط توافر الأدب في النص، فيفرق بين الأدبية والنظم، ولابد من توافر المعنى الجيد، فيفصل في ضرورة رقي الأغراض الشعرية، ودور الناقد في تحسين ذائقة المتلقي، ولابد أن يكون الشعر شاهدا على العربية؛ فلا يكون إلا بلغة القرآن الكريم كما تكلمت بها قريش وليس بلغة كلغة حِمير، ومن منهج ابن سلام توافر الأمثال في الشعر، وفحص المعنى بدقة والوقوف عند دلالته، ثم يمثل الدكتور الفيصل على هذا المنهج بنص وقف عليه ابن سلام. فمن عبارة يسيرة «اهتمام العرب بالشعر» يستخرج الدكتور الفيصل منهج ابن سلام مفصلا وممثلا عليه ومستوحيا منه خصائص ناقد من مؤسسي مناهج النقد العربي القديم. ولا يخفى قصد الدكتور الفيصل في كتابه وتفصيلاته في مناهج النقاد إلى تأكيد ازدهار الحضارة العربية من خلال ازدهار النقد الأدبي؛ إذ ليس من اليسير –كما يقول الدكتور يوسف خليف- «أن تزدهر الحياة الفكرية عند العلماء المسلمين ذلك الازدهار الرائع الذي شهدته المراكز الثقافية منذ القرن الثاني للهجرة من غير اصطناع لمناهج علمية ثابتة تحدد طرق البحث للعلماء، وترسم لهم خطواته، وتقيم ما اعوج منها» (5) . تعددت في أوروبا القرن التاسع عشر صيحات دراسة مناهج النقد وتاريخ الأدب وفق قوانين الطبيعة والفكر الإنساني، مثل «علم النبات»، أو «مناهج التاريخ الطبيعي»، أو «نظرية دارون في النشوء والارتقاء»، أو عبر «نمو العلوم الإنسانية وتقدمها»، إلا أن هذه الصيحات قد هدأت في القرن العشرين (6) . كما ظهرت صرعات الفنون التشكيلية والرسم والتصوير في بناء مناهج النقد وتأويل النص الإبداعي، وإلى الآن لم تزل تجربة النقد الغربي قابلة لكل قديم وجديد لاتساع النص الغربي الإبداعي وقابليته، ولذلك بلغت هذه المناهج من التجريب والتغريب ما تنوء بحمله العقول وأفكار النقد والأدب العربيين، واتجه المنصفون من مؤرخي الأدب والنقد العربيين -ومنهم الدكتور عبدالعزيز الفيصل- بعفوية شديدة إلى احتضان المنهج الأنسب؛ فالأدب وال نقد في نمو مطرد مع نمو العلوم الإنسانية، وهذه العلوم تستوحي من كل النتاج الإنساني مهما أوغل في التغريب، ومن ثم تتجدد مناهج النقد والأدب حسب تجدد الفكر الإنساني، «ومن الأمور المقررة في علم مناهج البحث أن المناهج ليست أشياء ثابتة، ولكنها في تغير مستمر مع تطور العلم وتجدد مطالبه وحاجاته المتطورة، ومن هنا كان طبيعيا أن تكون في تغير مستمر، وأن تكون قابلة للتعديل والتطوير، ولا يمكن للعلم أن يتقدم ويتطور أو يتجدد في ظل مناهج متجمدة متحجرة، وإنما يجب أن تظل المناهج في حركة دائبة لتساير حركة العلم المستمرة دائما» (7) ، ولتساير حركة الفن المتجددة أيضا، فليس من الطبيعي فرض مناهج محددة لدراسة النص الإبداعي؛ فكل نص يستدعي منهجه، وهكذا نظر الدكتور عبد العزيز الفيصل إلى الأدب العربي في كتابه الفارق «النقاد القدامى ومناهجهم». ... ... ... (1) النقاد القدامى ومناهجهم: 1/6. (2) (بتصرف) انظر: مناهج النقد الأدبي، إنريك أندرسون إمبرت، ترجمة: الدكتور الطاهر أحمد مكي، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1992م، ص96. (3) النقاد القدامى ومناهجهم، أ.د عبد العزيز الفيصل، ط1، 1/308. (4) السابق: 1/310. (5) مناهج البحث الأدبي، دار غريب بالقاهرة، 2004، ص47. (6) بتصرف، انظر: السابق، ص27:25 (7) السابق: ص27. ** **