واصلت أنديتنا هوايتها المحببة وعادتها السنوية.. المتمثّلة في إلغاء عقود المدربين! إذ لم تكد تمر خمس جولات فقط من انطلاقة دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين حتى أُعلن عن إقالة ثلاث مدربين.. كانت البداية بإلغاء نادي الاتحاد عقد مدربه الأرجنتيني (رامون دياز) الذي أخفق في مباراة السوبر أمام الهلال ثم في مباراة الذهاب بالتعادل مع الوصل الإماراتي في بطولة زايد للأندية العربية، وأخيراً نتائج الفريق في الجولتين اللتين أشرف فيهما على الفريق في الدوري قبل إقالته.. وقد يكون ذلك مبرراً مقبولاً لإدارة نادي الاتحاد.. التي تتحمّل -في اعتقادي- خطأ التعاقد مع هذا المدرب الذي لم يمض على إقالته من نادي الهلال سوى شهرين تقريباً (ألغى الهلال عقده في فبراير وتعاقد الاتحاد معه في مايو)، إذ كان من الواجب أنه عندما تبلورت لديهم فكرة التعاقد مع (دياز) حاولوا معرفة الأسباب التي جعلت نادي الهلال يلغي عقدة. وسيختصر هذا عليهم الشيء الكثير وبالتالي قد يعدلون عن التعاقد معه! وبعد إلغاء الاتحاد عقد مدربه أعلن قطبا محافظة المجمعة.. الجاران (الفيصلي والفيحاء) خلال فترة التوقف القصيرة عن رحيل مدربيهما.. فالفيصلي أقال مدربه الروماني ميرسيا ريدنيك وبقية الجهاز الفني، والفيحاء أقال مدربة لأرجنتيني غوستافو كوستاس.. وعلَّل كل منهما ذلك لتدني المستوى وتراجع النتائج في الجولات الخمس الماضية من عمر الدوري.. وقد تزيد قائمة إقالات المدربين في دورينا مع تصاعد ذروة المنافسة (ليالي العيد تبان من عصاريها) لأن هذا مع الأسف الشديد سائد بين أنديتنا عند تعثر الفريق أو عدم تقديمه المستويات الفنية المرجوة.. وهو خطأ يرتكبه صنَّاع القرار في النادي الذين لا يفكرون عند إخفاق فرقهم إلا في إبعاد المدرب باعتباره الحلقة الأضعف والضحية الأبرز في عالم كرة القدم نتيجة الضغط الإعلامي والجماهيري الذي يمارس -غالباً- على الأندية.. توقّعت شخصياً أن تتلاشى في هذا الموسم هذه الظاهرة بين أنديتنا أو على أقل تقدير أن تقل وإن حدثت فإنها تكون بعد منتصف الدوري.. وذلك نتيجة الدعم غير المسبوق الذي حظيت وتحظى به الأندية بشكل كبير جداً من لدن معالي المستشار تركي بن عبد المحسن أل الشيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة الذي دعم ولا يزال يدعم جميع الأندية بالمدربين واللاعبين وغيرهم.. وهذا الدعم كفيل بأن يجعل صنَّاع القرار في النادي لا يتسرّعون في عملية الاختيار لأن المال لم يعد عائقاً أو سبباً في اختيار المدرب أو حتى اللاعب الجيد.. لكون الشماعة التي كانت بعض الأندية -خصوصاً قليلة الموارد المالية- تعلّق عليها إخفاقاتها في عملية التعاقد والمتمثلة في الضائقة المالية تلاشت هذا العام في ظل الدعم الكبير الذي كان من المفروض أن يجعل الأندية تختار مدربيها ولاعبيها بكل أريحية وطمأنينة دون أن تنظر إلى قيمة العقد.. لكن رغم أن الأندية لم تتحمّل شيئاً من أغلب العقود إلا أن الوضع مع بداية الدوري لا يسر، حيث إن عملية إقالة المدربين وسيلحق بهم اللاعبون (وإن شهر يناير لقريب) ما زالت على ما كانت علية منذ سنوات.. وهذا يضع علامة استفهام كبرى ويطرح عدة تساؤلات لعل أبرزها سوء الاختيار.. أو التسرّع في الإقالة التي تتخذها إدارة النادي بمجرد عدم الرضا عن نتائج الفريق ويكون المدرب هو كبش الفداء رغم أن العلة قد تكون في بعض الأحيان إا إدارية أو من اللاعبين.. والغريب أنني لم أسمع أن إدارة ناد حمّلت نفسها المسؤولية في خطأ اختيار مدرب أو لاعب، بل إن المدرب -كما أسلفت- هو الأقرب والأسرع للإقالة! وهذا في اعتقادي شيء غير مقبول تتحمّله إدارات الأندية التي يفترض أن يكون اختيارها جاء بعد قناعة تامة بأن هذا المدرب أو ذاك اللاعب هو الضالة التي يحتاجها الفريق.. لكن بعض إدارات الأندية تحاول أن تبرر فشلها في إعداد الفريق بالتسرّع بقرار الإقالة حتى لا تتحمّل المسؤولية أمام محبي هذا النادي أو ذاك! وكما هو معروف فإن هذه الإقالات فيها إهدار مالي كبير تكلّف خزينة النادي أعباء مالية ليست بالقليلة سواء من حيث الشرط الجزائي لإلغاء العقد الذي يوازي في بعض الأحيان نسبة كبيرة من قيمة العقد نفسه أو مقدم العقد للمدرب البديل. وفي النهاية فإن المستفيد من هذا كله هو المدرب الذي يغادر بجيوب مليئة ومعه السماسرة ومن يدخل معهم في دائرة الاستفادة من ذلك، حيث يحصل كل منهم على نصيبه كاملاً.. والمتضرر -طبعا- هو النادي.. لهذا فإنه في اعتقادي فقد آن الأوان لوضع حد لهذه الظاهرة -التي باتت مزعجة- وذلك من خلال صياغة آلية محكمة تحفظ لأنديتنا حقوقها خصوصاً أن هناك جهوداً تبذل لعدم عودة الأندية إلى ديونها السابقة التي أثقلت كاهلها وحرمت بعضها من التعاقدات والمشاركات الخارجية.. فكل شيء تطور وتحسّن في رياضتنا وخصوصاً على مستوى كرة القدم إلا موضوع إلغاء العقود سواء على مستوى المدربين أو اللاعبين الذي لا يزال كما هو من سنين عديدة.. ومن هنا فإني أتطلع كغيري أن يتدخل الاتحاد السعودي لكرة القدم برئيسه وأعضائه الجدد بوضع حد لعملية إلغاء العقود التي أضحت تؤرّق محبي الأندية.. وأتمنى أن يكون ذلك قبل حلول فترة تسجيل اللاعبين الثانية (الفترة الشتوية) التي أتوقّع، بل أكاد أجزم بأن أغلب الأندية ستقوم خلالها بإنهاء عقود بعض لاعبيها خصوصاً الأجانب بحجة عدم استفادت الفريق من خدماتهم كما هو الحال مع المدربين.. وهذه -كما أسلفت- عادة لدى أنديتنا رغم أنها أحد الأسباب الرئيسية في تراكم الديون والقضايا على الأندية.. والله من وراء القصد.