لقد انسحب النقد العرب أو يكاد، في المواجهة التي تجمعه اليوم بجنس متسلط، اسمه الرواية. فقد محت، من حيث الحضور على الأقل، كل الأجناس الأخرى من طريقها. نعرف جيداً أن النقد ظل دوماً في الدوائر الأكثر تخصصاًَ ومنها الدوائر الأكاديمية، لكن حضوره كان دائماً مهماً ويعدل من مسارات الأدب. لم يكن فيليب هامون الذي خصّ جهده للشخصية وتحولاتها، ظاهراً في المحافل العامة، ولم يكن فيليب لوجون الذي جعل من السيرة رهانه النقدي معروفاً خارج الأوساط الجامعية شديدة التخصص على الرغم من قيمته العلمية التي لا تضاهى، ولم يكن محمد آركون الذي تعمق في الدرس الإسلامي من الموقع التاريخي والإنثربولوجي حالة إعلامية كبيرة على الرغم من قيمته الأكاديمية والتاريخية، ولا جهود ميشيل فوكو، رولان بارث، جيرار جنيت، جمال الدين بن الشيخ وغيرهم، كفيلة بوضعهم في المدارات الإعلامية، مثلما حدث للروائيين الذين أصبحوا جزءاً من المشهد الثقافي والإعلامي كنجوم يملأ حضورهم الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي. على الرغم من ذلك كله، هناك جيوب مقاومة تتبناها أسماء قليلة ما تزال تؤمن بجدوى النقد. المسألة مفهومة عالميا ويمكن تفسيرها بسهولة. نجد المئات، بل الآلاف من المبدعين الروائيين عالمياً، لكن صناعة ناقد واحد تقتضي زمناً حقيقاً لأن المسألة أكثر تعقيداً ثقافياً وتركيبياً. النقد ثقافة وانتماء كلي لعصر أو لسلسلة من العصور، وآلة لاختبار جدوى النصوص وفهم حركتها الداخلية وآلياتها، والآلة تحتاج إلى أن تكون ملمة بثقافة عصرها ولا تبقى على هامشه. وهذا يقتضي خبرة معرفية ترتكن حتما إلى جهد كبير ومميز. من بين هذه الجيوب المقاومة إيجابياً، الناقد السعودي المعروف سعد البازعي، أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة الملك سعود بالرياض، منذ 1984، قبل أن يتفرّغ لعمله في مجلس الشورى ونادي الرياض الأدبي. هو واحد من هذه القوى النقدية الحية والإرادات الثقافية الفعَّالة التي يثير نتاجها النقدي، وآراؤها جدلاً كبيراً. مدارات عملها الأساسية النقد الثقافي، والنقد الأدبي منها على سبيل التمثيل لا الحصر «ثقافة الصحراء»، الذي خصصه للبحث في أدب الجزيرة العربية المعاصر، «مقاربة الآخر»، «دليل الناقد الأدبي» (بالاشتراك)، «المكون اليهودي في الحضارة الغربية» الذي ناقش فيه دور المثقفين اليهود في الثقافة الغربية من أمثال ماركس، دريدا، فرويد، وفيليب روث وغيرهم، «وأبواب القصيدة» الذي سافر فيه عبر كبار الشعراء العرب من امرئ القيس والمتنبي، إلى سعدي يوسف ودرويش، والشعر العالمي مثل ريلكي وإليوت وغيرهم... و»كتاب شرفات للرؤية» حول نقاشات وسجالات العولمة بوصفها نظاما جارفا الذي يحتاج إلى حالة تبصر وتعقل وعدم دفن الرأس في الرمال، وإشكالية الهوية التي تعود في عصرنا بشكل قوي وخطير، متغنية بالانغلاق الذي بدأ يحولها إلى قنبلة موقوتة للإقصاء والطرد. و»قلق المعرفة» وهو عبارة عن سلسلة مقالات عالج فيها البازعي قضية الأنا والآخر والاختلاف معه والأسئلة المحيرة التي تطرحها المعرفة البشرية والعربية تحديداً وهي في حالة ضعف. ربما كان لمؤلفه الكبير والمميز، «استقبال الآخر» الذي تناول فيه كيفية أو كيفيات التعامل مع الآخر، الدور الكبير في إعادة قراء تاريخنا النقدي وكيفية استيعابه للمشاريع النقدية الغربية. الجزء الثاني من الكتاب كان شديد الأهمية لأنه عرض فيه وجهة نظره التطبيقية بشكل واضح، فاتضحت ملامح مشروعه الكبيرة من الناحية النقدية بعد أن بين الكيفيات المنهجية والحضارية التي تجب مراعاتها. فتوقف عند فكرة الكتاب الخاصة بكيفية استقبال النقد العربي للممارسات النقدية الغربية، من خلال الرواد، مثل طه حسين، والعقاد، ولويس عوض، ومحمد مندور، وشكري عياد، وغيرهم، إضافة إلى الأجيال اللاحقة. فقد تعاملوا مع المنجز النقدي الغربي المبني على معرفة حقيقية، كأنه مادة منتهية وغير قابلة للسجال وأخذوها على علاتها من دون مراعاة الظرفيات الثقافية المحلية. فقد ظلوا رهيني الإعجاب والنموذجية الغربية. وسرعان ما ظهر ضعف هذه الموجة الثقافية ميدانيا لأها لا تملك الأساسيات التي تجعلها مبدعة وخلاقة. هذا تقريبا ما أراده الباحث والنقد سعد البازعي في تصوراتها عن العلاقة مع الآخر. وتبدو للكاتب في هذا السياق، تجربة الناقد شكري عياد طليعية ونافذة، بالقياس لغيرها لأنها عرفت كيف توطِّن المفاهيم، والثقافة الغربية، مع مراعاة خصوصياتها الهوياتية والمعرفية. فقد كانت الهوية العربية الإسلامية عند شكري عياد وبعض مجايليه، رهاناً أساسياً. ووفق هذا المنطق سيجد طه حسين والمجموعة المذكورة سابقا، خارج هذا المدار لأنهم جعلوا من النظريات الغربية مرجعا كليا مع التفريط في خصوصياتهم الثقافية والحضارية، وهذا أمر غير صحيح، ولا يستقيم أبداً مهماً كانت المبررات الشكلية التي تساق عادة في مثل هذه النقاشات. في اللحظة التي يشتغل فيها ناقد ما داخل منظومة لغوية معينة، فهو داخل ميراث ثقافي لا يمكنه أن يتخلص منه لأنه فيه، ومدون يتلك اللغة. نقد الميراث ووضعه في دائرة السجال والمعرفة الإنسانية، شيء آخر غير معاداة الثقافة المحلية والحضارة التي نبتت فيها. لم يكن مؤسس النقد الفرنسي هيبوليت تين، ومعه النقد التاريخي الفرنسي، مهما بمعرفتنا اليوم، لكنه هو من أعطى هوية للنقد الفرنسي شكلاً مميزاً، للغة الفرنسية ولنقدها حضوراً كبيراً نتج عنه نقاداً كباراً غيَّروا المسارات النقدية الأكاديمية العالمية، من أمثال غريماس، فيليب هامون، وجيرار جنيت، ورواد ما بعد الحداثة والسيميائية والتفكيكية. من الصعب إقصاء هؤلاء وكأنها جسداً خارج التاريخ. في كل ما قام به طه حسين رغبة جامحة لوضع الثقافة العربية في مدارات العقل والعالمية. على العكس شكري عياد الذي اصطدم بالرؤية المتسيدة، في وقته، على الرغم من عقلانيته الواضحة، فأعاد إنتاجها في النهاية، لكنه لم ينتقدها جذرياً، لأن سلطان المؤسسة ليس أمراً هيناً، وإلى اليوم. تظل على رأس المثقف، حتى في غيابها، فهي من يشيع سلطانها عليه ويتحكم في مساحات الحرية ويؤطرها. هذا المنطق الذي تحكم في الثقافة العربية كليا، لم يسمح بالقطيعة مع الجزء الميت من الجسد العربي، فكانت المآلات حزينة حقيقة. لم تكن خيراً على النقد العربي، إذ لم يستطع لا أن يوطن النظريات كما يجب، ولا أن ينتج نموذجه الذي افترضه، الذي يمكن أن يساعد النص العربي على الشيوع والخروج من دائرة المحلية والإسهام في المشروع النقدي العالمي. شيوع النص العربي اليوم لا يمر عبر حلقات النقد العربي كما كان الأمر سابقاً، ولكن عبر قنوات إعلامية لا علاقة لها بالنقد الذي كثيرا ما يكون تابعا لضغط الخطاب الذي يصنعه الآخر. روايةزيّنب لهيكل ما كان لها أن تتحول إلى مرجع في الأجناس الأدبية الوافدة من خلال فعل المثاقفة، لولا الجهد النقدي الذي انخرط في السجال بكل قوة. النقد العربي اليوم لم يعد قادرا على فرض أي نموذج. قد يتبع الموجه ولكنه لا يتقدمها. أعتقد أنه في سياق المثاقفة الأدبية Acculturation لا يوجد إلا مثقف عربي واحد ووحيد طرح الإشكالية النقدية وسعى لفهمها، وربطها بالتبصر النقدي والمعرفي الإنساني، هو طه حسين. باقي الفعلين نقديا، ظلوا يدورون في النفق نفسه، الذي ما يزال يحكم ثقافتنا حتى اليوم. ليس فقط المسألة الديكارتية التي تشكل حجر الزاوية في تحرير الفكر من المسبقات، لكن طه حسين في كتابه في الشعر الجاهلي وضع العقل العربي أو العقل النقدي أمام تحديات كبيرة، وجعله مثار مراجعة عميقة، مهما كان رأي المؤسسة الدينية في ذلك، لأن عملها الجوهري يفترض أن يكون دينياً. يحتاج طه حسين الذي أصبحت مقاربته النقدية تهمة، أكثر منها سجالا يفترض أن تتم مناقشته بصبر وتبصر. فقد حاول ولم ينجح لأنه ارتد بسرعة على مشروعه تحت ضغط المؤسستين الدينية والسياسية، أن يجعل من المثاقفة عتبة فكرية فقط لتحرير العقل، والذهاب به مباشرة نحو فعل التثاقف Interculturalité الذي يعني بالضرورة البحث عن الفاعلية المحلية من خلال استيعاب الآخر، والخروج من دوائر الهيمنة. لم يكن رهانه تقليد الغرب بشكل أعمى والتخلي عن ثقافته. كان شكري عياد عقلاً حيا، وشخصية كبيرة، لكنه ظل يعمل ضمن المنظومة المتاحة التي تسمح له بتخطي ظلم المؤسسة الثقافية المهيمنة، ولم يعد النظر في منظوراتها التي تأسست عليها. وهو ما يجعلنا نقول اليوم: ماذا بقي من شكري عياد نقدياً؟ طه حسين كان سباقا إلى فكرة ما بعد الحداثة التي تضع المعرفة العربية كلها بما فيها اليقين الديني الإيديولوجي، مثار جدل ونقاش عميق خاضع للعقل. طبعاً كان من نتائج ذلك أن طه حسين حوكم. المحكمة برأته لكنها وضعته في المدار العام، القابل بالموجود، وأنسته مشروعه الذي انطلق منه. على الرغم من أنه برئ من التهم المنسوبة إليه، لم يتناول النقد العربي مشروعه المعرفي برؤية أكثر اتساعاً، ويسير به إلى الأمام لمناقشته وتطويره، ليس فقط باتجاه النقد الأدبي، ولكن أيضاً باتجاه عقلانية عربية تدين بالكثير للآخر، لكنها تدين أيضا لجهدها الذي حاولت من خلاله، أن توفر شروطا علمية للانتقال من المثاقفة إلى التثاقف المنتج. للأسف، ظالمشروع معلقا. هذا كله يحتاج إلى حالة حقيقية من التخطي الفعلي لما هو متسيد، وتحمل الخسارات التي تفرضها ردة فعل المؤسسات الضاغطة على المعرفة. المعرفة حرية، حرية مؤسسة على العقل والبرهان، بدون ذلك لا يمكن تصور المعرفة تتخطى يوما معوقاتها عربياً، إذ ستظل تدور في الدوائر العامة التي لا تثير لا إشكالات جديدة، ولا جدلاً خاصاً. كل التقدير والاحترام لجهود البروفيسور سعد البازعي الذي يشتغل ضمن دائرة ثقافية عربية ومحلية ليست سهلة دائماً، لكن النظرة المثالية التي افترضها لم تكن نتائجها في النهاية مشجعة. عندما نتحدث عن المآلات النقدية، نجد أنفسها بالضرورة عند هذه المساءلات التي تحتاج إلى جرأة كبيرة، توفرت في طه حسين ولم تتوفر في اللاحقين. أو كما يصرح البازعي نفسه في نظرة متفائلة، وربما رومانسية أيضاً، أن النقد العربي عندما يتخلص من دائرة النقل السلبي (طه حسين، لويس عوض، سلامة موسى وغيرهم) الذي اكتفي باستيراد المفاهيم والمصطلحات وتقنيات النقد التطبيقي من الفضاء النقدي الغربي، سيتمكن النقد العربي من خلال نضج تجربته، من خلق الشروط الأولية التي ستجعل هذه المثاقفة خصبة وتفاعلية، ومتواشجة مع روح الثقافة العربية، ومكونات هويتها المتميزة. أين هذا المنظور الافتراضي؟ بعد كل هذه السنوات، هل وصل النقد إلى ما افترضه سعد البازعي؟ ما يزال النقد العربي للأسف في نفس الدوائر، وربما أقل. للأستاذ البازعي الفضل الكبير في تحذيرنا من النقل الأعمى من الآخر، لأن ذلك سيلغي الخصوصية والميزات التاريخية التي كان وراءها جهد نقدي عربي كبير. ربما، يجب فقط الاتفاق على ما هو النقل الحقيقي؟ وإلا ما قيمة ثقافة غربية لا تجعلنا نعيد النظر في يقينياتنا؟ ما جدوى الاستفادة منها إذا كانت ستجعلنا نكتفي باليقينيات التي تربينا عليها؟ لا جدوى كبيرة من رواء ذلك، لأنه سيجعلنا ننظر بعين الرضا الكلي للمحن الثقافية التي أدت بنا إلى التراجع الفكري الكلي. نحن نعيش اليوم حالة تخلف مدقع، وهذا يعني بالضرورة تشغيل كل الوسائل الفكرية لتخطي حالة العجز. يحتاج هذا الميراث اليقيني الكبير إلى هزة عنيفة تقرأ وتنتقد بحرية، لمعرفة جوهر الضرر وتخطيه. وإلا ما معنى الحرية الفكرية؟ اين هي المواطنة التي تخرجنا من دائرة الرعايا إلى المواطنة الحقة؟ الهوية العربية - الإسلامية، الهوية العربية والإسلامية التي يجد فيها العربي والكردي، والسني، والشيعي، والشركسي، والمسيحي نفسه؟ هل الهوية فعل منجز وما علينا إلا استعادته؟ التاريخ الذي نعيش اليوم فصوله الدرامية يقول لنا لا. لننظر إلى المثال العراقي أو السوري القريبين منا لنعرف مأسوية اليقينيات؟ كانت المواطنة تسبق كل شيء، أنا أولا عراقي، أو سوري، وتأتي بهدها الهويات الصغرى المكونة. اليوم أنا شيعي أو سني أولاً، عربي أو كردي، مسيحي أو مسلم، قبل فكرة المواطنة التي غابت مع غياب الدولة الوطنية الجامعة. لأننا ولا مرة، تحت هيمنة الفكر القوموي، لم نر شيئاً آخر إلا ما اشتهينا رؤيته. اكتفينا بالمرايا التي تعكسنا على أحسن حال. النقد واجهة للفكر بالضرورة، وقيمة نقد سعد البازعي أنه لم يتوقف عند حدود النص الأدبي والتخييل، لكنه تخطى ذلك نحو نقد الأفكار التي تعطي للنقد هوية. لا نقد خارج الأفكار، مهما كانت اختلافاتها، وخارج فعل الحرية ونقد المطلقات اليقينية السهلة. لكن أليست الشروط والمسبقات تقييد للفكر نفسه الذي نريده أن يكون خلاقا ومنتجا لمعرفة جديدة؟ الشروط التي افترضها البازعي للتأثر أو للأخذ من الآخر، لم تكن واضحة. مثلاً قوله إنه يجب أن لا تلغي المؤثرات الغربية، الشخصية القاعدية للمعمار النقدي العربي بكل ينابيعه التراثية وإنجازات الأجيال السابقة. ويفضل عليها علاقة التحاور والتفاعل بين المنجز النقدي الغربي والعربي. المشكلة الكبيرة ليست هنا، فالاتفاق مع البازعي أكثر من كلي.ولا أعتقد أن هناك ناقداً عربياً واحداً، حتى الأكثر تطرفاً، دعا إلى التخلص من الميراث كلياً. النقد الصارم لا يعني مطلقا التخلي عن التراث. أي تراث؟ لم تكن الأسماء التي استشهد بها البازعي طه حسين، العقاد، سلامة موسى ويمنى العيد، وغيرها، أقل التصاقا بالثقافة العربية وبتاريخها. من الصعب اختزالهم في الثقافة الغربية، كالقول إن الأصل الذي يصدر منه لويس عوض غربي؟ ومرجع العقاد إنجليزي؟ وعقلانية طه حسين فرنسية؟ وسلامة موسى من اليسارية الأوروبية؟ مع أن مفهوم اليسارية هنا، لا يعني شيئاً مطلقاً، لأنه مفهوم سياسي يحتمل الكثير، بينما بقية المفاهيم التي وردت، هي معرفية. تأويل كلام يمنى العيد نحو هذا المنحى فقط لتأكيد التصور المسبق لا يفيد النقد كثيراً «وهذا ما يضع نقدنا الحديث، المستفيد من هذه المناهج، في موضع القلق والاضطراب الدائمين، ويفرض عليه، للخروج من هذا الموضع، العمل على تأسيس فكر علمي في ثقافتنا قادر على المساهمة في إنتاج مناهج نقدية علمية لها صفة الكونية» ويعيدنا إلى قصة بروكوست المعروفة. عندما أثارت يمنى العيد هذه الإشكالية، كانت القصدية واضحة تماما. هي أن هناك معاناة نقدية عربية في البحث عن رؤية كونية، ولكنها لا تضع الرؤية الغربية مثار رفض مطلقا. ولا الرؤية العربية مثار تقديس مطلق. انتقال يمنى العيد من النقد التاريخي إلى النقد البنيوي، والنقد الثقافي، جاء وفق حاجة ثقافية والرغبة في عدم إبقاء النقد العربي سجينا لرؤى ليست دائماً صحيحة. فقد اشتغلت دوما على الثقافة العربية، مثلها مثل البقية التي سلف ذكرها . كل هذا لا يمنع هذا الجيل من النقاد والسابقين، من التقاطع مع عقلانية الجاحظ، وإبداعية المتنبي، وتأملية ابن رشد، وتاريخية ابن خلدون. أخيراً، وليس آخراً، تحية كبيرة لأخي الناقد المجتهد البوفيسور سعد البازعي، الذي فاز بجهوده الكبيرة بالأجرين، فقد منج النقد العربي مساحات جديدة للسجال العلمي بمؤلفاته الكبيرة والمميزة، وما ورد في نقاشي، الفضل الكبير فيه، يعود لرؤاه الاجتهادية التي تدعو إلى الكثير من المعرفة والتأمل، وتدفع بنا إلى الاشتراك معه في هذا المشروع الثقافي العربي الكبير الذي يهدف في النهاية إلى منح النقد العربي مكانته التي يستحقها وإخراجه من دائرة الاجترار والموت السريري الذي يشله عن أية فاعلية. ** **