من خلال أزمة اختفاء جمال خاشقجي اتضح لأغلب السعوديين، حتى بعض البسطاء والسذج، الذين كانوا يدافعون عن قطر، أن عداوتنا بقطر هي عداوة وجودية، فإما نحن أو هم، وأقصد هنا حمد وولده والمتحلقين حولهما من الانتهازيين والأفاكين وشذاذ الآفاق، وكذلك المتردية والنطيحة وما ترك السبع من عرب الشمال. قضايا الوطن - يا سادة يا كرام - لا تقبل الحياد، أو الوقوف كالمتفرج، أو التذرع بأي ذريعة، فإما أن تقف معي أو أنت بالضرورة ضدي وضد الوطن، وبالتالي فكل من وقف موقفًا محايدًا فهو يمارس خيانة للوطن. ولا أعتقد أننا سنصل مع النظام القطري إلى أي نقطة التقاء إطلاقاً، وأكرر إطلاقاً؛ فبقاء النظام الحاكم في قطر، وتحالفه مع الأخونج الإرهابيين وإيران، ودعمه المفضوح للحوثيين في اليمن، يؤكد حتى للحمقى والمغفلين أن الصلح مع هذا العدو يعني بالضرورة التفريط بأمن الوطن بل وببقائه، ومن يقول غير ذلك فهو منحاز لهم، أو هو عميل لهم، وإن أظهر رياءً ونفاقاً الوطنية. حملة قناة الجزيرة على المملكة بسبب اختفاء خاشقجي وضعت الحروف على اللوح والنقاط على الحروف بوضوح، وأصبح العداء سافراً، بشكل غير مسبوق. واتضح أن قطر ليست دولة، وإنما جهاز استخبارات تنفذ ما يملى عليها من خارجها، وليس حمد أو ابنه تميم إلا موظفين في هذا الجهاز ليس إلا. وهذا الجهاز الاستخباراتي الخبيث له أذرع وامتدادات وتشعبات وخلايا، خلايا المتأخونين جزء منها وليست كل خلاياها، وهي منتشرة في أمريكا والدول الغربية وبالطبع الدول العربية، وهم ينفذون مؤامرة على المملكة، وكما قلت في مقال سابق، ليست قضية الخاشقجي إلا ذريعة، فالأزمة اتخذت أشكالاً وتفرعات واعوجاجات هدفها كما هو واضح الآن إجهاض مشروع الأمير محمد بن سلمان التحديثي. ما تبين حتى اللحظة من هذه القضية يشير بوضوح إلى أن المؤامرة تكتنفها من حيث التركيب أو التناقضات وتضارب التصريحات كثيرًا من النقاط التي جعلتها ترتبك وتتخبط أخيراً. فالقضية من حين ابتدأت حتى الآن تدور وتحور حول (تسريبات) اتضح أنها كانت مجرد شائعات، ولم تصدر من مصدر أمني رسمي مسؤول، وهذا من أهم النقاط الجوهرية التي أضعفتها، وجعلت كثيرين من غير المتمصلحين من الإساءة للمملكة يُظهرون شكوكهم في القضية برمتها. ولعل الوفد السعودي رفيع المستوى سيحسم كثيرًا من التفاصيل ويبين حقيقة هذه القضية واضحة جلية للعيان؛ ونحن غير قلقين من نتائج التحقيق، لأننا ببساطة لا علاقة لنا باختفاء الخاشقجي؛ لذلك فنحن مطمئنون أن النتيجة ستكون في صالحنا حتماً. لكن المهم أن يدفع القطريون الثمن باهظاً قدر ما نستطيع، فهم ومن خلال خلاياهم من فبركوا القصة ثم أطلقوها واستمر مسلسل الكذب والتزوير والتقولات، واستمروا يغذونها، ليشعروا العالم كله أن القضية ثابتة، بينما هي مجرد تسريبات، شاركت في تأجيجها قناة الجزيرة ومن ترشيهم من العاملين في المؤسسات الإعلامية الكبرى، لهذا فيجب أن تكون الخطوة الثانية بعد إفشال اللعبة، التصدي لهم بكل ما نملك من قوة، وأن (يستيقظ) إعلامنا (الكحيان) من سباته، ونرد الصاع لهم بألف صاع، ويجب ألا نهتم بحكاية (الأخوة الخليجبة) التي يرددها البسطاء والسذج، فالعداوة التي انطلقت ضدنا من الدوحة لا يمكن أن يكون بعدها أي تقارب بأي شكل من الأشكال. إلى اللقاء