حرصت على قراءة كتاب الصحفي البارع، بوب وودوورد، الذي صدر قبل أيام، بعنوان: «الخوف.. ترمب في البيت الأبيض»، وهو الكتاب، الذي قلت إنه جزء من الحملة الإعلامية الموجهة ضد ترمب، خصوصا توقيت موعد صدوره، الحادي عشر من سبتمبر!، ومع ذلك، فمن الصعب على أي متابع للشأن الأمريكي، أن يتجاوز الإطلاع على هذا الكتاب، مهما كانت دوافع المؤلف، فالصحفي وودوورد ليس كأي صحفي آخر، اذ أن لديه مهارة رفيعة في التواصل مع الآخرين، خصوصا أؤلئك الذين يتسنمون مواقع حساسة ومهمة، كما أن لديه القدرة على استيلاد المعلومة، ومن ثم تحليلها، وربطها بمعلومات أخرى، واستخلاص نتائج مذهلة، ثم يختم ذلك ببراعته في كتابة التقرير الصحفي، الذي يعتبر فن قائم بذاته. ولا ينفي تميز بوب وودوورد، حقيقة أنه يحصل على امتيازات لا يحصل عليها غيره، وتفتح له أبواب لا تفتح لغيره، كما لا يجب إغفال الاتهامات التي توجه له، من أنه يحصل على معلومات حصرية، في مقابل تلميع من قدموا له تلك المعلومات، والكتاب من أوله إلى آخره، عبارة عن سرد لتفاصيل سير العمل في إدارة ترمب، سواء في البيت الأبيض، أو في منتجع ترمب الشهير في فلوريدا، مارا لاقو، أو في الطائرة الرئاسية، أو في مواقع المناسبات والتجمعات، أو في الرحلات الخارجية، ويحاول وودوورد بانتظام، أن يرسم صورة القائد الفوضوي، والنرجسي العنيد، الذي لا يلقي بالا لأحد، ولا يحترم آراء الآخرين. ويؤكد وودوورد، في مواقع مختلفة من الكتاب، على أن ترمب لا يحترم العاملين معه، بل ولا يتردد في توجيه الإهانات لهم، بما في ذلك الجنرالات، خصوصا الجنرال مكماستر، المستشار السابق للأمن القومي، لدرجة أن إهانة ترمب للجنرالات في أحد الاجتماعات، أغضبت وزير الخارجية السابق، ريكس تيلرسون، الذي قال بعد خروج ترمب من الاجتماع: «إنه أحمق»، وهي العبارة، التي تم نقلها لترمب، وكانت بداية النهاية لعلاقة الرجلين، التي لم تكن يوما على ما يرام، فقد كانا على طرفي نقيض، والطريف أن وودوورد يذكر أن الجنرال، جون كيلي، رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض، اتصل على وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، الذي كان في جولة افريقية، وقال له: «أنصحك بأن تعود فورا، لأن ترمب قد يغرد عنك»، وبالفعل، فبعد الاتصال بوقت وجيز، عزل ترمب تيلرسون، من خلال تغريدة على تويتر، وسنواصل الحديث عن أبرز ما ورد في هذا الكتاب الهام!.