في منتصف العام الماضي، وعندما ادلهمت الخطوب حول جادة بنسلفانيا افنيو، حيث يقبع البيت الأبيض، بعدما تبين للرئيس ترمب أن خياراته للمواقع المهمة في إدارته لم تكن موفقة، وذلك بسبب انعدام خبرته السياسية، إذ إن العاطفة تغلبت عليه، فاختار المقربين منه والمخلصين له، ثم أدرك أن قيادة دولة، بحجم الولاياتالمتحدة، تختلف جذرياً عن إدارة شركة خاصة، وهنا قام بعمليات غربلة وعزل، وكان من ضمن المعزولين، رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض، رينس بريبس، الذي كان يرأس الحزب الجمهوري، أثناء ترشح ترمب للرئاسة، وكان مناصراً له، ووقف بقوة، ضد بعض الجمهوريين، الذين حاولوا إزاحته، في مؤتمر الحزب الجمهوري، إذ لم يكن ترمب هو المرشح المفضل لهذا الحزب العريق، الذي يفخر بأنه حزب الرئيس التاريخي، ابراهام لينكولن!. بعد عزل رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض، اتخذ ترمب أحد أهم القرارات، التي أسهمت في تهدئة الأوضاع، فقد عين الجنرال، جون كيلي، رئيساً لهيئة موظفي البيت الأبيض، وكنت قد كتبت مقالاً حينها، وذكرت أن تعيين شخصية عسكرية في مثل هذا الموقع، يعد أمراً غير مألوف، ولكن ترمب، الذي عاني كثيراً من التسريبات التي تخرج للإعلام، رأى أن الحل يكمن في تعيين شخصية عسكرية مهيبة، ليتسنى ضبط الأوضاع داخل البيت الأبيض، وبالفعل، خفت حدة التسريبات، وعاد الهدوء تدريجياً إلى مقر عمل الرئيس، وكان جون كيلي، قبل تعيينه رئيساً لهيئة موظفي البيت الأبيض، يشغل منصب وزير الأمن الوطني، المنصب الذي رشحه له ترمب، بعد فوز الأخير بالرئاسة، وهي وزارة مستحدثة، تم تأسيسها في عهد الرئيس بوش الابن، بعد أحداث سبتمبر. الجنرال جون كيلي، الذي قُتِل ابنه في أفغانستان، أثناء مشاركته مع الجيش الأمريكي، يجمع بين الشخصية العسكرية الحازمة، والتعليم المدني العالي، فهو خريج جامعات مرموقة، ويحمل درجة الماجستير، وقد سبق له العمل قائداً للقيادة الجنوبية، وهي المسؤولة عن عمليات الجيش الأمريكي في أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية والكاريبيان، وهو محافظ، يتفق مع رؤية ترمب في كل القضايا تقريباً، ولم يكن عمله في البيت الأبيض بلا أخطاء، فقد صرح بشكل إيجابي عن الجنرال، روبيرت لي، قائد جيش الولاياتالمتحدة الكونفيدرالية، الدولة التي انفصلت عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، في عام 1860، اعتراضاً على إلغاء الرق، وهذا أمر بالغ الحساسية لدى الأمريكيين، ويشير إلى عنصرية مبطنة، واليوم، هناك تنبؤات بقرب عزل الجنرال كيلي، المقرب من ترمب شخصياً وأيدولوجيا، ضمن موجة العزل الأخيرة، التي أطاحت بوزير الخارجية، ريكس تيلرسون، وبمستشار الأمن القومي، الجنرال هيربرت مكماستر، وإن تم عزل كيلي، فإن ترمب يكون قد عزل أهم أركان إدارته، خلال وقت وجيز للغاية، وهو أمر غير مسبوق، فلننتظر ونترقب تطورات الأيام المقبلة!.