بعد شهر و63 مباراة تصل كأس العالم إلى محطتها الأهم، المباراة النهائية اليوم على ملعب لوجنيكي في موسكو بين كرواتيا الباحثة عن لقب أول في تاريخ البلاد، وفرنسا الباحثة عن لقب ثانٍ في 20 عاماً. طرفان لمباراة نهائية للمونديال الروسي لم يتوقعهما كثر قبل انطلاق النهائيات، إلا أن البطولة التي لم تخل من المفاجآت أفضت في نهاية المطاف إلى إعادة لنصف نهائي مونديال 1998 على الأرض الفرنسية، حينما حرم المنتخب المضيف ضيفه الذي كان يشارك للمرة الأولى كدولة مستقلة، من مواصلة الحلم وبلوغ النهائي. من بين المرشحين الكبار لبلوغ النهائي كانت فرنسا الوحيدة التي صمدت، مباراة بمعالم عدة ترتسم فرنسا بتشكيلة شابة (ثاني أصغر معدل أعمار في مونديال 2018)، متحمسة، صلبة دفاعية، مبتكرة هجومياً، حاسمة في الضربات الثابتة، وبعزيمة منح مشجعيها لقباً ثانياً مع إحيائهم الذكرى العشرين للقب الأول، وخبرة النهائي المونديال الثالث. في المقابل، جيل كرواتي بات الأفضل في تاريخ بلاده بعدما وصل إلى النهائي للمرة الأولى، يعول على مواهب فذة مثل مودريتش وايفان راكيتيتش وماريو ماندزوكيتش، وعزيمة لا تلين مكنته من خوض شوطين إضافيين في المباريات الثلاث في الأدوار الاقصائية، ولم يتعب بعد من الركض خلف المجد وتحقيق حلم مواطنيه. ستكون فرنسا أمام فرصة الانضمام إلى نادي «أصحاب النجمتين»، مع الأرجنتين والأوروغواي، بينما ستكون كرواتيا أمام فرصة أن تصبح ثاني متوج جديد باللقب في النسخات الثلاث الأخيرة بعد إسبانيا 2010. ديدييه ديشان هو رجل المرحلة لفرنسا. القائد الذي رفع الكأس عام 1998، يسعى لأن يصبح الثالث فقط في التاريخ يقوم بذلك كلاعب ومدرب. في حال تتويجه، يريد ديشان أن يثبت مكانته كمدرب ناجح، وتعويض خيبة خسارة نهائي كأس أوروبا 2016، مباراة اليوم تمثل كل شيء. مباراة نهائية ستخوضها بطريقة مختلفة وتأمل أن تقدم مباراة رائعة من أجل تحقيق الفوز. نهائي كأس العالم هو حلم طفولة يتحقق، كأس العالم قريبة جداً إلى درجة لمسها، لكن قبل لمسها، ثمة 90 دقيقة أو 120، يجب على المنتخبين بذل كل شيء، إنها مباراة حياة الأمر يتوقف على بذل كل جهد من أجل تحقيق هذا الحلم المتمثل برفع كأس العالم، تبدل المنتخب الفرنسي بشكل كبير، من 1998 إلى 2018، ومن الدور الأول إلى المباراة النهائية. بدأ بشكل ممل، بحذر مبالغ به، وارتكاز على الدفاع. بدءاً من ثمن النهائي حرر أسلوب لعبه، وأظهر مبابي موهبته على أرض الملعب، والأهم، سرعته الخارقة التي باتت تؤرق المدافعين، أوصلت فرنسا إلى النهائي. لم يغفل المنتخب «العلامة المسجلة» لديشان، أي الدفاع الصلب المرتكز على رافايل فاران وصامويل أومتيتي، إلا أن تحركات مبابي وانطوان غريزمان وأوليفييه جيرو (رغم عقمه التهديفي) جعلت من الفرنسيين فريقاً قادراً على تشكيل الخطر متى أراد. ليست فرنسا وحدها من تحلم. كرواتيا ترقبت طويلاً ما وصلت إليه، وهي مصممة بقيادة مدربها زلاتكو داليتش، على الذهاب أبعد، على رغم الانهاك، منتخبها خاض عملياً «سبع» مباريات وصولاً إلى النهائي، إذ إن مجموع مدة الأشواط الإضافية الستة التي خاضها في آخر ثلاث مباريات، يصل إلى 90 دقيقة، أي مباراة كاملة، عنصر تعب آخر هو أن كرواتيا خاضت نصف النهائي الأربعاء، بينما كانت مباراة فرنسا في الدور نفسه الثلاثاء. إلى جانب اللاعب مودريتش في خط الوسط، تعول كرواتيا على اللاعب راكيتيتش الذي سيخوض المباراة الحادية والسبعين له هذا الموسم (مع النادي والمنتخب)، أي أكثر من أي لاعب آخر مشارك في النهائيات العالمية. لدى كرواتيا الكثير لتراهن عليه مواهب، عزيمة، وأصغر منتخب من حيث التعداد السكاني لبلاده يصل إلى نهائي كأس العالم منذ الأوروغواي قبل 68 عاماً. مباراة تاريخية لكل من هو كرواتي، سيكون 4.5 ملايين لاعب على أرض الملعب سيحملون بعضهم البعض، سيكون لديهم الطاقة فهذه أكبر مباراة في حياتهم يحتاجون فقط إلى بعض الحظ ليحصلوا على النتيجة».