لطالما كُنت مؤمنًا أنَّ الثقافة تتجذر في اللبنات الأولى عند بناء التركيبة الإنسانية المُكتملة، فهي التي تكوِّن اتجاهاته لاحقًا، وتجعله ذا قلب سليم وعقل حكيم يستطيع تحديد أهدافه ورؤاه، ويقبل بالتعايش مع كافة أطياف المُجتمع وبالأخص من يختلفون معه، سيما وأنَّ المجتمعات الناجحة وذات الحيوية الانتاجية هي تلك التي تتعدد فيها الثقافات من مختلف الأجناس، فيتفاعلون مع بعضهم البعض دون إقصاء أو تمييز. لذلك فإنَّ على المسؤولين في وزارة الثقافة أن يُدركوا أمرًا هامًا جدًا وهو أنَّ الثقافة ليست في إنتاج الكم الهائل من الكُتب والتوسع في منح التراخيص للأندية والصوالين الأدبية، ولابد أن يعملوا على ترسيخ العديد من القيم الثقافية في نفوس النشء، وبناء مجتمع مثقف يستطيع أفراده أن يحكموا ويحاكموا لأن الثقافة، كما عرفها البعض هي المقدرة على الحكم والمحاكمة وهذا يدل على أنها لم تعد مجرد مصطلح يدل على الحذق وسرعة الفهم. بل صارت سلوكًا كذلك. كما أنَّ على المسؤولين في وزارة الثقافة أيضًا أن يبذلوا جهودًا كبيرة في الربط بين ثقافة النخبة وثقافة العامة، فقد صارت الفجوة في السنوات الأخيرة بينهما كبيرة جدًا، وهذا يؤثر بشكل كبير على أي مشروع استراتيجي يهدف إلى تنمية المواطن وخدمته، خاصة وأنَّ رؤية 2030 قد أولت للجانب الثقافي أهمية كبرى في تحقيق التنمية الشاملة. أخيرًا : الثقافة ليست كُتبًا فحسب..! ** ** - عادل الدوسري