شهد الوطن خلال العقود الماضية نهضة تنموية كبيرة شملت جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية، كما عمت معظم أرجاء البلاد المترامية الأطراف. لكن إذا ما نظرنا إلى مساهمة الشباب في هذه النهضة لوجدنا أنها كانت محدودة نتيجة لمواصلة شباب الوطن لدراستهم ومن كلا الجنسين إضافة إلى اعتماد عديد من الشركات والمؤسسات على توظيف أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية. ولكن في السنوات الأخيرة ومع ارتفاع أعداد الشباب السعودي من عدم وجود فرص عمل له. مما أوجد نوعًا من البطالة التي راح الآلاف من الشباب يعانون منها خصوصًا بعد عودتهم من الدراسة من الخارج أو حتى بعد تخرجهم من الجامعات والكليات والمعاهد في مناطق ومحافظات المملكة. والحق أن الدولة الموقرة اهتمت بهذا الجانب بعدما تنبهت إلى ظاهرة وجود العمالة الأجنبية وجوداً طاغياً وممجوجاً في مختلف الشركات فراحت مشكورة تصدر الأنظمة وتعزز من إجراءات توظيف الشباب. في مختلف القطاعات، بل أسهمت في دعم عمليات التوظيف ماديًا ومعنويًا من خلال صندوق التنمية البشرية الذي لعب دورًا مهماً في هذا المجال. ومع هذا مازالت معاناة الآلاف من الشباب من عدم وجود (عمل حكومي) يستوعبهم نظرًا لكون الوظائف الحكومية هي المطلوبة في المقام الأول وكما هو معروف وفي كل وزارة أو قطاع تحكمها ميزانيات محدودة. من هنا كان الحل الأنسب هو فتح المجال واسعًا بتشجيع القطاع الخاص. والعمل من منازلهم كما هو معمول به في الدول الكبرى. شخصيًا كانت لي تجربة قبل سنوات حيث رافقت أحد الأبناء الذي كانت لديه وكالة ناشئة فقرر زيارة الصين حيث كانت الأنظار تتجه إليها من مختلف دول العالم لنموها السريع. المهم وخلال جولتنا في أحد المعارض الكبرى في شنغهاي أعجبنا عمل إحدى الشركات التي كانت متخصصة في إنتاج هدايا «الكرستال» فأحببنا أن نلتقي مع أحد المسؤولين في الشركة. فمندوبتها في المعرض اقترحت علينا أن نزور مقر الشركة في إحدى ضواحي المدينة. وبالفعل استأجرنا سيارة أجرة وتوجهنا إلى مقر الشركة. فكم كانت دهشتنا عندما اكتشفنا أن مقر الشركة يحتل شقة صغيرة في حي سكني وفي الدور ال12 من البرج. وكانت الشقة تشتمل على معرض لمختلف منتجات الشركة الشهيرة التي تصدر لمختلف دول العالم. وبعد جلوسنا مع مجموعة من كبار المسؤولين في هذه الشركة عرض علينا «فيلم وثائقي» عن إنتاج الشركة منذ بداية التصميم حتى عملية التصديرعبر شركات الشحن العالمية المعروفة. ومن خلال حديثنا معهم اكتشفنا أن أسهل شيء في الصين هو أن تقدم طلبًا لفتح شركة أو مؤسسة أو ورشة. المهم يكون لديك (إميل وهاتف جوال. الموقع) أكان في غرفة أو شقة أو مظلة داخل مزرعة. طبعًا مع الالتزام بدفع الرسوم السنوية وهي بسيطة. فهمنا من خلال الحديث أن الدولة الصينية تشجع العمل في كل مكان وبالتالي سهلت الإجراءات وعدم التعقيد. والهدف أن الجميع يعملون. وينتجون من دون معوقات. نسيت أن أشير إلى أن شقة أو مكاتب الشركة تضم في نفس الوقت غرفاً متعددة أدواراً للمكاتب. يعني موظف وعلى رأسه مكتب آخر. وأخلص من هذا إلى أن التنمية بكافة أبعادها تعتمد بالدرجة الأولى على العنصر البشري كمشارك فيها وكهدف أساسي لها. وهذا يتطلب منا أن نخفف العبء من إجراءات العمل وفتح المكاتب أو المؤسسات وليس بالضروري أن يكون مكتبك أو مؤسستك على شارع عام ولو حصل فسوف يدفع صاحب هذه المؤسسة الصغيرة نصف دخله أو أكثر لايجار المكان. وبهذه الطريقة سيحدث بلا شك بعض التغيرات فسوف يعمل الجميع من منازلهم أو غرف نومهم فأنا أكتب الآن هذه «الإطلالة» من غرفة نومي.. علينا أن نعمل وأن نساعد من يريد العمل لأن يعمل بكل سهولة ويسر. فهل نفعل. هذا ما يأمله كل شاب يبحث عن فرصة عمل.