أفرزت الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي عن تداول مصطلح حديث نسبيا «Sextortion» للتعبير عن الاستغلال الجنسي غير الجسدي عن طريق الإكراه والابتزاز، لعرض الضحية لجسده بعد استمالته أولا عبر السوشال ميديا. Sextortion هو جريمة العصر الرقمي، لذا تولي المنظمات والجمعيات المهتمة بالأمن ومكافحة الإتجار بالجنس عبر الإنترنت، اهتماما كبيرا وحديثاً بتلك الظاهرة، حيث لا توجد سوى أبحاث قليلة في هذا المجال لفهم هذا الخطر المحيط بالأطفال والمراهقين، وكيفية حدوثه لمكافحته والحد من تناميه، خصوصا مع تزايد إدمان استخدام الهواتف الذكية من قبل الأطفال والمراهقين. إحدى المنظمات المهتمة بحماية ومكافحة الإتجار الجنسي بالأطفال والتي تدعى ثورن «Thorn» ترى أن التكنولوجيا سهلت من إيذاء الأطفال واستغلالهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، هذا المنظمة غير الربحية تعمل لزيادة الوعي وتثقيف المجتمع بالدور الكبير، الذي تلعبه برامج التواصل الاجتماعي اليوم في تجنيد الضحايا واستغلالهم والإتجار بهم. يملك الطفل الضحية غالبا هاتفا محمولا أو لاب توب، للتواصل وتكوين الصداقات، ومن خلال حساب الضحية يتم تحديد مكانه،و الاطلاع على بياناته الشخصية وصوره، لاستغلاله والمتاجرة به في أحيان أخرى، عبر نشر صوره الخاصة وغير المحتشمة في مواقع إباحية، أو للمنحرفين في كل مكان، وربما ابتزازه مستقبلا. قصص الضحايا في كل العالم اليوم لعبت فيها مواقع التواصل الاجتماعي دورا لا يستهان به، في التمهيد لحالة الاستغلال أو الإتجار الجنسي بالأطفال، وقد لفت دور السوشال ميديا منظمة «ثورن» في عملية تجنيد الضحايا، والوقت المستغرق للانضمام والخروج من دائرة التجنيد، حيث أجرت المسح على 260 من الضحايا الناجين من العصابات والمتاجرين بالجنس في 14 ولاية بأمريكا عام 2016. وجد المسح أن متوسط عمر الضحايا كان 14 سنة، وغالبيتهم كانوا يعانون من العنف، أو الإهمال العائلي قبل التورط مع تجار الجنس والمستغلين للطفولة. ولعل الظاهرة المنتشرة في مجتمعنا حاليا وخصوصا في شهر رمضان من خلال البث الحي بعد صلاة الفجر من قبل مشاهير السوشال ميديا والأطفال والمراهقين، توضح لنا حالة الإهمال الكبير للأطفال، ومنحهم الحرية في استخدام منصات لا تتناسب مع عمرهم، وتعرضهم لخطر الاستغلال والجرائم الإلكترونية. انضمام الأطفال للشبكات الاجتماعية التي تحدد عمرا محددا للعضوية هو خطر يحيط بالطفل، فالعالم الافتراضي كبير ومتنوع، وتحيط به العديد المخاطر، التي قد لا يدركها لصغر عمره وقلة خبرته. والمقاطع المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأطفال يستخدمون لغة إباحية، أو غير مألوفة أحيانا، ولا تتناسب مع أعمارهم يضعنا أمام سؤال كبير؟ من المسؤول؟ ويحثنا للتفكير بسؤال أعمق ماذا بعد؟! الممارسات المتحررة من المسؤولية، والرقيب على المنصات الاجتماعية، تنذر بظواهر وأمراض اجتماعية تحيط بالأبناء، وقد تجرهم لطرق الانحراف والاستغلال الجنسي من قبل المتاجرين بالأطفال محلياً أو عالمياً. الطفل الذي يتجول في الشبكات الاجتماعية بحرية، نتيجة حتمية لغياب دور الأهل في التوعية والمراقبة، والذي يجد نفسه فجأة غارقا ووحيدا بين ملايين الحسابات الجيدة والسيئة وكذلك الوهمية، فالطفل بطبيعته وقلة خبرته غير قادر على الفرز بين الغث والسمين، وغير مدرك لعواقب الاتصال المباشر مع الغرباء، لذا لزم أن يلقى الرعاية والمتابعة من عائلته، التي تعتبر صِمَام الأمان الأول، وتتحمل العبء الأكبر في مسألة الحماية والحفظ من الضياع.