كثيرًا ما نقرأ عن تعرض طبيب أو ممارس صحي، أو حتى معلم أو مدير مدرسة، إلى اعتداء من قبل مواطن، ويختلف مدى هذا الاعتداء من التلفظ بالكلمات المسيئة، حتى العنف والضرب والطعن بأدوات حادة، وآخرها ما حدث في أحد المستشفيات من اعتداء بالطعن لممرض، تم تسجيله في مقطع فيديو، وبثه في موقع منسوبي وزارة الصحة. ورغم أن وزارة الصحة تبث في تحذيراتها أن الاعتداء على الممارس الصحي لفظياً أو جسدياً جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، أو غرامة تصل إلى مليون ريال، ورغم أن الإعلانات تنتهي بعبارة واضحة: بإمكانك أخذ حقك من خلال التوجه إلى حقوق وعلاقات المرضى أو الاتصال هاتفياً برقم مجاني، إلا أن الطريق إلى أخذ الحق أو غير الحق بالقوة أقصر من الطريق إلى قسم علاقات المرضى، لذلك لا بد من أن تسير الصحة في طريقين بنفس الوقت، الأول هو التنسيق مع الجهات الأمنية، ومعاقبة المعتدي حسب القانون، دون التراجع أو التنازل عن الحق الخاص، لأن التنازل يساعد في تكرار مثل هذه الاعتداءات، على عكس فرض العقوبة وتطبيقها والإعلان عنها، الأمر الذي يُحد من هذه الأفعال الإجرامية. أما الأمر الثاني فهو ضرورة تطوير أقسام خدمات المرضى، بحيث يشعر المريض أنه مهم للغاية، وحقوقه محفوظة تماماً، لأن التساهل في ذلك، وشعور المريض أن حقوقه مهدرة، ولا أحد يهتم بشكواه وتظلمه، يساعد في تكرار مثل هذه الأفعال الإجرامية، من باب الشعور باللا جدوى، والشعور بالظلم الذي يجعل المرء يتهور بالتلفظ على الممارسين الصحيين وشتمهم، وهو ما نشاهده بشكل شبه يومي، في كثير من المستشفيات، مع أن ذلك لا يبرر إطلاقاً التلفظ والتهجم للمرء السوي الذي يسيطر على أعصابه وتصرفاته. لذلك وجود القانون لا يكفي، فلا بد من تطبيق العقوبات بحزم، وإعلانها ردعًا لمن تسول له نفسه بالتهور، وفي الوقت ذاته تطوير الخدمة المقدمة، وشعور المريض بالاهتمام يقلل من مثل هذه الحالات المتكررة.