«الموارد»: اعتماد القواعد التنظيمية للائحتي الأشخاص ذوي الإعاقة    "الصحة" تغرّم 3 شركات طيران لمخالفتها أحكام نظام المراقبة الصحية    نيبال تغلق المدارس مع زيادة عدد القتلى من الأمطار الغزيرة    إسرائيل تؤكد اغتيال «قاووق».. من هو الناجي الوحيد في قيادات حزب الله؟    "سعود الطبية" تطلق حملتها للتحصين ضد الإنفلونزا الموسمية    حرس الحدود يحبط تهريب 440 كيلوجراما من القات بجازان    الربيعة يلتقي الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح    سحب رعدية ممطرة على جازان وعسير والباحة ومكة    مدرب روما يمتدح قدرات سعود عبد الحميد    "التعاون الإسلامي" تؤكد أهمية إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين    "السعار" يقتل 60 ألف شخص سنويًا.. والوقاية بالتطعيم    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية فنزويلا    قانون برازيلي لحماية حقوق الأمواج    ميزة جديدة.. «واتساب» يحجب رسائل المجهولين !    وكيل محافظة تعز ل«عكاظ»: مشاريعنا الإستراتيجية والحيوية بدعم كامل من السعودية    «أخمرين» تطلب رصف وإنارة الطريق    بيشة: رئة «نمران» بلا أوكسجين !    في ختام الجولة الخامسة من دوري روشن.. التعاون يستقبل الاتفاق.. والشباب يواجه الرائد    الجهني يغيب عن «كلاسيكو الجوهرة»    رونالدو يقود النصر أمام الريان    أوروبا تصوّت على قرار جمارك سيارات الصين الكهربائية    سمو ولي العهد يُعلن إطلاق «مؤسسة الرياض غير الربحية» وتشكيل مجلس إدارتها    656 % نمو أعداد السياح الوافدين لأغراض الترفيه بالمملكة    ضبط 15324 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    18 أكتوبر.. انتهاء مهلة تخفيض سداد المخالفات المرورية    في خمس مناطق للقراءة والتأمل.. «الرياض تقرأ».. رحلة بين السطور    رحلة إثرائية    500 عمل فني تزيّن بينالي الفنون الإسلامية في جدة    وزير الثقافة للمبتعثين: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية في المجالات كافة    أحد رفيدة: مطالبات بتكثيف مكافحة الحشرات    الليلة السعودية تستعرض الفرص التعدينية    "قضايا معاصرة" يناقش تحديات التنمية المستدامة    البرلمان العربي يدين الموقف الدولي المتخاذل.. مطالبة بوقف فوري للعدوان الإسرائيلي على غزة    5 أسباب للكوابيس والقلق أثناء النوم    5 نصائح.. تسرِّع التعافي بعد جرعات العلاج الكيميائي    من دمَّر الأهلي ؟    هيئة الأدب والنشر والترجمة تُسخر التقنيات الحديثة لخدمة زوار "كتاب الرياض"    مفكران عراقيان: معرض الرياض الدولي للكتاب من أهم نوافذ الثقافة العربية    وزير التعليم: مبادرة البرامج الجامعية القصيرة (MicroX) يأتي ستنمي قدرات الطلبة في مهارات سوق العمل    الزواج التقليدي أو عن حب.. أيهما يدوم ؟    بغلف وباربيع يحتفلان بعقد قران أصيل    د.الشمسان: ثلاثة محاور رئيسية لتعزيز كفاءة القطاع الصحي    دور أمانات المناطق في تحسين تجربة المواطن والمقيم    قبضة الخليج تلاقي ماغديبورغ الألماني    سيدات الطائرة يدشّنّ منافسات دورة الألعاب السعودية    الرّفق أرفع أخلاق نبينا الأمين    وكيل إمارة الرياض يحضر حفل السفارة الصينية    يوم مجيد توحدت فيه القلوب    ضبط مواطن في عسير لترويجه (9) كجم "حشيش"    جمعية إجلال لكبار السن بمركز الحكامية تحتفل باليوم الوطني السعودي ال٩٤ بالراشد مول بجازان    تكريم الكاتبة السعودية أبرار آل عثمان في القاهرة    ايجابيات اليوم الوطني    مروّجو الأوهام عبر منصات التواصل الاجتماعي    الزهد هو المجد في الدنيا والمجد في الآخرة    وطني.. مجد ونماء    رابطة العالم الإسلامي ترحب بإعلان المملكة إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»    بحضور 3000 شخص.. أحد رفيدة تحتفل باليوم الوطني    محافظ هروب يرعى حفلَ الأهالي بمناسبة اليوم الوطني ال 94    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الجنوسة النسقية» ودراما الحب.. للغذّامي 1
نشر في الجزيرة يوم 12 - 05 - 2018

تظل علاقة الرجل بالمرأة في مستوياتها المختلفة جدلية شائكة عبر كل زمان ومكان؛ لرسوخ اعتقاداتها والتوريث الممنهج لأعرافها رغم كل تحول وتطوير وحركات المقاومة ونضال التحرر من قيود ذلك التوريث.
وتلك الجدلية لم تنحصر في وقائع الاجتماعي إنما امتدت بفعل فاعل إلى الخطاب الثقافي بأبعاده وآلياته المختلفة، ليتحوّل الخطاب الثقافي إلى نموذج تأكيد للجنوسة الاجتماعية يٌفرّغ من خلاله الشاعر رؤى ومواقف الواقع الاجتماعي من المرأة.
وهذه الجدلية للثنائية التاريخية هي التي يحلل أشكالها ومضمونها الغذامي في كتابه «الجنوسة النسقية» الذي يربط من خلاله التبادل النفعي بين الخطاب الاجتماعي والثقافي لترسيخ واقع الجنوسة.
يعبر مفهوم «الجنوسة» أو التمييز الجنسي في مستوييه السلبي والإيجابي- عن الرحلة الطويلة للمرأة في صراعها مع المجتمع الذكوري وكيفية انتقاله إلى الخطاب الثقافي، أو التعبير الدقيق هاهنا صراع «المجتمع الذكوري مع المرأة» عبر معاييره وأعرافه وقوانينه وتشريعاته، التي عززت كما أنشأت منذ البدء فروقا ربطت بها بين الطبيعي والواقعي والاجتماعي.
وما لبثت تلك الارتباطات أن امتدت إلى «البنى الثقافية» لتسهم في إظهار فروق أخرى «ثقافية طبقية» -الغذامي-.
وتلك الفروق المتعمدة هي التي شكلت مصطلح «الجنوسة الثقافية» من خلال استغلال الفروق الطبيعية للمرأة والقوانين الاجتماعية لتحويلها إلى فروق»تمييزية متحيزة» تصب في مصلحة الرجل تارة، والتأكيد على الواقع الهامشي للمرأة.
وهذا النهج النسقي الذي تحول إلى قانون طبيعي»يحول كل خاصية نسوية إلى سمة دونية، حين مقارنتها بالمختلف عنها ذكوريا»-الغذامي،5-.
باعتبار خاصية التطابق بين «الثقافة والواقع» التي ترى الرجل أعلى مرتبة من المرأة، وبذلك انتقلت المرأة إلى الثقافة «بهيئتها العرفية»-ما تعارف عليه الناس- وبالتالي فالثقافة عززت الإطار النمطي للهيئة العرفية للمرأة سواء على مستوى المضمون أو طريقة الاستقبال، بدلاً من مساهمتها في إعادة «خلق جديد» لتلك الهيئة لدعم قوانين الاستحقاق والمساواة وذهنية جديدة للمتلقي.
انتقلت المرأة إلى عالم الثقافة كما نّمطها عالم الواقع من خلال الثالوث النمطي لهيئة المرأة «الخطيئة، الفتنة،الجمال».
وهي بتلك الثلاثية تنبني على أساس «عدم نفعية المرأة» وكونها حامل لضرر واقعي أو محتمل و فاعل درامي، وهو «ما عزز المعنى الطبقي و جعل الجنوسة نسقية ثقافية»-الغذامي،5-.
أول الأمثلة الإجرائية للجنوسة النسقية الثقافية عندالغذامي «حكايات الحب»، أو كما أسماها «الزواج السردي»، الذي يكشف علاقة الرجل بالمرأة في المتخيل الشعري.
فحكايات الحب تتيح لنا اكتشاف»ما يفرزه الخطاب الثقافي من نسقية مضمرة تتحكم في صناعة التصور وفي تشكيل الصور الذهنية عن نوع من الجنوسة المجازية، التي هي تورية ثقافية بمثل ماهي خطاب نسقي متحكم و مضمر»-الغذامي،9-.
فحكايات الحب في الخطاب الأدب العربي استطاعت أن تصنع لنا «الحبيبة النموذج» وتلك الصناعة حوّلت المرأة كما يقول الغذامي إلى «كائن مجازي غير مشخص» -سلبي في معظم حلالاته- ذات أبعاد أحادية ثابتة شكلاً ومضموناً وحتى على مستوى الاسم.. لتصبح مجرد حزمة من الصفات الجسدية و المعنوية تتكرر في كل حكاية
بلا اختلاف أو تميّز شخصي أو بيئي أو طبقي أو ظرفي، وكلهن واحدة»-الغذامي،9-، وتلك الأحادية المصطنعة تمت بفعل التخيل الشعري. وفصل الحبيبة في الخطاب الشعري عن الهيئة المُثبتة لهوية المرأة عن الحس الإنساني يحوّلها إلى «رمزية متخيّلة»، وهذا التحوّل بلاشك يوفر حماية للرجل عن «أي مساءلة أو عقاب» حاصل تجاوزه الأعراف العربية، أو كما يسميها الغذامي بناءً على توصيف ابن رشيق»تزوير متخيل» تؤكد على «مجازية الخطاب من جهة، وعلى كونه تورية ثقافية من جهة ثانية»-الغذامي،10-، تسعى إلى إقصاء فعالية المرأة أو وجودها الفكري في خطاب العشق، إقصاء حوّل المرأة إلى «كومبارس صامت» مثير لحالة العشق وخلفية لتطور دراما العشق في مستواها الوجداني بالنسبة للرجل، وتلك الوظيفة مرتبطة بماهية الرمز وليست حقيقة الصفة.
وبذلك تصبح المرأة في ذاتها «مثير شعري» ووسيلة لقياس الأثر، ليتمكن من الرجل من مصادرة حقها في الكشف عن شخصيتها الوجدانية، وهي مصادرة تحول حكاية الحب إلى حكاية صورية تتجرد من زيها الواقعي أو كما يسميها الغذامي ملفقة تنتج خطابا مجازيا و تورية ثقافية في الجنوسة.
ونسق ثقافي يكشف «تصور الرجل عن المرأة، وتصور الرجل لذاته العاشقة، مع غياب تام لتصور المرأة لذاتها ولتصورها للرجل»-الغذامي،10-.
وتلك المصادرة لصوت المرأة واعتقادها وموقفها من الحب، لا يخلو من واقعية اجتماعية تعود لطبيعة المرأة في كونها كطرف درامي في حكاية الحب هي دائمة مرسل إ ليه حالة العشق الذي يروج لها الخطاب الشعري المبني على النسق الثقافي الاجتماعي هي حالة غير أصلية، وهذا الحالة يمكن أن تضم العديد من التوصيفات مثل «الشاذ، والطارئ، النزوة، الجنون».
وهي توصيفات تتعلق بالرجل في حالة الحب وليست المرأة، مع ثبات التوصيف المتعلق بالمرأة في هذه الحالة وهو غالباً ما يدخل في إطار «الخطيئة» سواء بمعناها المادي أو المعنوي، وهو ما يحول المرأة في حكايات الحب إلى «مجرمة»، ويحيط الرجل»بالنقص» في مستوياته المختلفة بدءاً من فحولته ووصولاً إلى عقله. وهو ما يحقق «الهدف التربوي» للخطاب الشعري الموجه لجميع الرجال «بخطيئة الحب وآثاره» وهو هدف «يؤكد» على «شذوذ الحب بين الرجل والمرأة» باعتباره مخالفاً لأصل الواقع الاجتماعي وباعتبار الآثار المترتبة عليه والتي تفقد الرجل قيمته الإنسانية ومركزه الاجتماعي، و تفقد المرأة عفتها الأخلاقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.