تزامناً مع إحياء ذكرى تأسيس مدينة روما، قامت مدرسة الملك عبد العزيز في العاصمة الإيطالية بافتتاح فعاليات اليوم المفتوح تحت شعار «السلام اليوم»، من أجل التعريف بما تزخر به المملكة من ثقافة وفنون وتراث حضاري عريق، والترويج للثقافة السعودية في أوساط المجتمع المحلي، وبالخصوص المقيم في روما. من خلال فتح أبواب المؤسسات السعودية أمام جميع شرائح المجتمع الإيطالي، وتقديم صورة إيجابية عن تطور المملكة وانفتاحها على سائر الثقافات الأخرى، والتعريف بالرصيد الثقافي لبرنامج رؤية المملكة 2030 الذي يكرس مكانة كبيرة للثقافة والفن. وقد شاركت جميع المؤسسات السعودية في إيطاليا في هذه التظاهرة، بإقامتها أجنحة متنوعة في المعرض داخل المدرسة السعودية، تبرز أهم الأعمال والإنتاجات. فقد عرضت الملحقية الثقافية السعودية العديد من الأعمال التي أشرفت على ترجمتها إلى الإيطالية, حيث تدافع الصغار والكبار لاقتنائها، أمّا الملحقية العسكرية فقد قدمت شروحات عن عملها ودورها في السفارة، ووزعت العديد من الهدايا التذكارية على الضيوف. كما عرّفت الخطوط الجوية السعودية بأهمّ الخدمات التي تقدمها لزبائنها ممن يختارون زيارة المملكة. هذا وقد كان لأعضاء من منظمة الفاو من ممثلي المملكة حضور بارز في المعرض. وللتنويه فقد عقدت هذه الفعالية تحت رعاية السفارة السعودية بروما وإشرافها، ممثلة بسعادة القائم بالأعمال الأستاذ فيصل بن حنيف القحطاني. وقد شهدت الاحتفالية إلقاء العديد من المحاضرات شاركت فيها نخبة متنوعة من الباحثين والأساتذة والأكاديميين والمستشرقين الإيطاليين، كالأستاذة إيزابيلا داقيليتو، والأستاذة فرانشيسيكو كورادو، تحدثتا بإسهاب عن الحضارة العربية بشكل عام، وعن الحضارة السعودية بشكل خاص، كما قدّم الباحث الأكاديمي موناكو أرتور شرحا لتجربته الخاصة، حيث كان عنوان محاضرته «المستعربون الجدد» تناول فيها تجربته الخاصة مع الثقافة العربية. وقد حضر الفعالية العديد من الضيوف والسفراء والسياسيين الإيطاليين ممثّلين لمختلف الوزارات والجهات الرسمية، وكذلك ممثلون عن حاضرة الفاتيكان، إلى جانب جملة من الفنانين العرب والأجانب وممثلين للبعثات الدبلوماسية، وعدد كبير من طلبة اللغة العربية بالجامعات الإيطالية. وقد كان برنامج الفعالية ثرياً جمع الثقافة السعودية بالثقافة الإيطالية، تجاوب معه جل من قدم. حيث انطلقت الفعالية بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها النشيدان الوطنيان السعودي والإيطالي، ثم تتالت الأناشيد باللغتين العربية والإيطالية، وقد تفاعل معها الجمهور أيما تفاعل، حيث أبدعت تلميذات المدرسة في إنشادهن بالعربية والإيطالية، كما تم أيضاً إلقاء قصائد شعرية، زيادة على عرض شريط وثائقي عن مدينة روما احتفاء بتاريخ تأسيسها. وقد كان فن الرسم حاضراً بكثافة في الاحتفالية من خلال مشاركة فنانين من مختلف الجنسيات، حيث حضر الفنان العراقي علي الجبيري، والفنانة الإيطالية ريتا باريجللي والفنانة شميرا أدوليت، والفنانة الليبية حنان الزاهي والفنان السعودي أحمد فليمباني وغيرهم. فقد جمعت اللوحات بين الخط العربي والنقش والنحت والفن التشكيلي المعاصر. هذا وتابع الزوار المعرض باهتمام الذي حمل رسالة سلام ومحبة إلى الشعب الإيطالي، حيث كان شعاره الفن من أجل السلام. وقد أكد سعادة القائم بالأعمال بسفارة خادم الحرمين لدى إيطاليا بأن تعبير الإنسان عن تطلعاته يتأتى من خلال رؤية العالم، التي يتم تحقيقها في الفن، فالفن هو رؤية للعالم وهو تعبير جمالي عن أفكار الشعوب وتصوراتها. كما ذكّر بدور الفن الفعال في إطار مدّ جسور التفاهم بين الحضارات والشعوب، حيث يقوم مقام الوسيط الإعلامي في التواصل بين أفراد المجتمع الواحد وبقية المجتمعات، بما يدعو لتكثيف الاهتمام بالفنون لما تعكسه من فكر وعلم غني بالدلالات الاجتماعية والأخلاقية والتربوية. فيما أخبرنا الأستاذ أحمد الزهراني، مدير مدرسة الملك عبد العزيز، أن شعار المعرض الفني كان الغرض من ورائه أن يكون رسالة إخاء وسلام، وأضاف قائلاً: يبقى الفن وسيلة للتعبير يتخطى الحدود الجغرافية ويكرس مفاهيم الحياة الراقية عن الحرية والعدالة والتسامح والمساواة لأجل ترسيخ مبادئ السلام والمحبة. وفِي إطار دعم اللغة العربية ونشرها بالخارج، سعت المملكة جاهدة إلى تشجيع هذا التمشي، فقد قامت كل من مدرسة الملك عبد العزيز والملحقية السعودية بتكريم جمع من الطلاب الإيطاليين وتشجيعهم على الجهد المبذول طيلة السنة، كما حظي طلبة اللغة العربية المتميزين بمدرسة اللغات بجامعة سان دومينيغو بروما بحظوة خاصة من قِبل الملحقية الثقافية، بتقديم تسهيلات لهم فضلاً عن مدهم بالوسائل المساعدة من كتب وأدوات لتعلم الخط العربي، وتيسير مشاركتهم في الندوات والمحاضرات التي تعقدها الملحقية بالتنسيق مع العديد من الجامعات الإيطالية، بهدف تدريبهم على الترجمة الفورية من اللغة الإيطالية إلى العربية وبالعكس. وقد أشار سعادة الدكتور عبد العزيز الغريب إلى أهمية الثقافة في التواصل بين الشعوب، وأفادنا قائلاً بأن المملكة تسعى إلى عرض الثقافة السعودية بطريقة حضارية من أجل استقطاب الجمهور الإيطالي والأكاديميين المهتمين بتعلّم اللغة العربية وبدراسة المملكة السعودية والعالم الإسلامي، ويتجسد هذا في الواقع بتكريم الطلبة الممتازين في تعلم العربية، وهذا دليل على الوقوف إلى جانب هؤلاء فيما يتطلعون إليه. أما الطلبة المكرمون فقد أعربوا بأن هذه الحفاوة ستزيدهم إصراراً على مواصلة التعمق في دراسة اللغة العربية وتعميق الاهتمام بالعالم العربي المسالم والمتميز بثقافة متنوعة وغنية. هذا وقد أعربت نائبة عمدة روما السيدة لاورا بالداساري عن سعادتها بحضور هذا الاحتفال الذي جمع بين دولتين تربطهما علاقات صداقة منذ أكثر من ثمانين عاماً، وذكرت أن بهجة الاحتفال بتأسيس روما قد زادها جمالاً بمشاركة العربية السعودية. هذا وقد تخلل الاحتفال تقديم رقصة العرضة السعودية، التي جسّدت معالم الفن التقليدي، حيث أداها الأطفال والرجال مما أمتع الحاضرين بمشاهدتها، ولم يخل الاحتفال من تقديم أكلات وحلويات ومقبلات عربية وسعودية راقت للزائرين، كما كان للتمور السعودية المميزة نكهة خاصة مع احتساء القهوة العربية. لقد ازدان المشهد بنصب خيمة عربية عبقت برائحة البخور، استغلها عديد من الإيطاليين لالتقاط صور تذكارية وهم يرتدون ألبسة سعودية تقليدية فاتنة.