أصبحت «المخاطر الجيوسياسية» العامل الأكثر تأثيراً على تسعير أدوات الدين الخليجية، وذلك من وجهة نظر مستثمري الدخل الثابت. السعودية بدورها قادرة على التكيف مع هذا التحدي الجديد لهذه السنة. نحن نبرز هذا العامل الذي يعد الأبرز من وجهة نظر المستثمرين الدوليين. وفي نفس الوقت فالسعودية على مشارف المضي قدماً بإعادة تمويل قرض دولي مجمع بقيمة عشرة مليارات دولار وكذلك النظر بإمكانية إصدار سندات دولارية ثالثة خلال الربع الأول. خلفية لاحظنا أن هناك تغيراً هذه السنة من ناحية كيفية التعاطي مع بعض المؤثرات في الأسواق الناشئة من قبل مستثمري الدخل الثابت. في السابق كانت أسعار النفط هي العامل المؤثر على تداولات أدوات الدين الخليجية. وهذا شيء طبيعي نظراً لكون مداخيل دول المنطقة يأتي معظمها من النفط.الذي تغير الآن وبحسب استفتاء لبلومبرغ فإن الأحداث الجيوسياسية أصبحت تأخذ الحيّز الأكبر لدى المستثمرين الدوليين ومن ثم يدخل عامل أسعار النفط. وفي استفتاء آخر لجلوبال كابيتال مع متخصصين بأسواق الدين العالمية، كانت المخاوف الجيوسياسية بالشرق الأوسط بارزة بشكل واضح. حيث احتلت المرتبة الخامسة عالمياً. ما الذي حدث ولم يعرف الجميع عنه؟ الذي يتابع الهامش الائتماني بين دول الخليج ومؤشر سندات الأسواق الناشئة يلاحظ كيف أن المخاطر الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط قد دفعت بهذا الهامش الائتماني للارتفاع، ليكون قريباً على غير العادة من نظيره بالأسواق الناشئة. ولذلك شاهدنا عمليات بيع طفيفة على أدوات الدين الخليجية التي تتركز آجالها على خمس سنوات خلال الفترة الماضية. أما لماذا فلأن المستثمرين الدوليين بهذه الأدوات تحركهم «العناوين الإعلامية» القادمة من الشرق الأوسط. وعلى العكس من ذلك الاستثمار المؤسسي على آجال 30 سنة أسهم في جعل هذه السندات تتداول فوق قيمتها الاسمية. لاحظ أن المستثمرين الخليجيين وإلى حد ما الآسيويين قاموا باقتناص أدوات الدين السيادية التي تتداول دون قيمتها الاسمية. الخليجيون قاموا بذلك بسبب اعتيادهم على المخاطر الجيوسياسية وإدراكهم أن هذه الأمور مؤقتة والآسيويون قاموا بذلك لأن العوائد بقارتهم تبدوا منخفضة مقارنة بالخليج. كيفية التعاطي مع هذه الظروف إذا تم تجاهل هذا العامل فقد ينتهي الأمر بدول المنطقة دفع علاوة سعرية على المخاطر الجيوسياسية. بوجهة نظري فإن المستثمرين الدوليين (الذين لا يعرفون منطقتنا جيداً) هم الأكثر حساسية للأحداث الجيوسياسية التي نراها أمراً طبيعياً (بُحكم فهمنا العميق للمنطقة الجغرافية التي نعيش فيها). لذلك قد يكون من المحبذ تقنين استراتيجية الإقبال على مثل هؤلاء «المستثمرين الجدد» أو المستثمرين (المعروف عنهم أنهم مضاربون) الذين يبالغون بردة فعلهم مع كل حدث جيوسياسي. لأن ردة الفعل هذه تؤثر على عوائد وأسعار السندات الخليجية. وقد يكون من الأفضل هو إعطاء الأولوية للمحافظ الشرق أوسطية على حساب غيرها. فالمحافظ الشرق أوسطية أكثر تفهماً للأوضاع الجيوسياسية من غيرهم. أحد الخيارات الأخرى هو تخفيض حجم الإصدار (وتوزيعه على فترات متفرقة خلال السنة) وذلك من أجل ضغط التسعير. أحد الأساليب المحبذة في مثل هذه الظروف هو الاعتماد على البنوك التي تعرف جيداً الجدارة الائتمانية للمملكة (من أجل ترتيب قرض مجمع) وكذلك ضمان طرف ثالث مثل وكالات ائتمان الصادرات أو حتى ضمان البنك الدولي. أحد الخيارات الأخرى تدور حول الحصول على قرض منخفض التكلفة من صندوق النقد الدولي أو البنوك التنموية الأخرى (فقد حان الوقت الذي نستفيد من تلك المؤسسات الدولية التي نحن من الأساس مساهمون بحصص كبرى بها). ** ** - خبير بأسواق الدين الإسلامية ويعمل لصالح مؤسسة دولية متعددة الأطراف.