تربطني بالأستاذ عبدالله حمزة راجح أواصر عميقة، امتدت لأكثر من أربعين عامًا، بدأت بوصفي مقدمة للبرامج وأنا أدرج في سنوات الدراسة الجامعية. كان الأستاذ مديرًا لشعبة البرامج، وعهدته آنذاك حريصًا على متابعة أداء المذيعين والمذيعات بدقة بل بصرامة متناهية. لم يكن إلقائي يخلو من الأخطاء؛ فكان استدعاؤه لي يعني أنني سأتلقى ملاحظات. كنت أشعر بالخوف بل الرعب مما ينتظرني منه، سواء على الأداء ومخارج الحروف وتنظيم التنفس، إلى غير ذلك مما يجب أن يراعيه المذيع. مضت السنوات، وترسمت في الإذاعة عام 1980، وكُلفت إضافة إلى عملي مذيعة بالإشراف على برامج المرأة والطفل؛ إذ كان الأستاذ مديرًا لإدارة الأخبار بعيدًا عن مراقبة البرامج، لكنه في واقع الأمر لم يترك الإحساس بالمسؤولية وتصحيح وملاحظة المذيعين والبرامج، بما فيها برامج الأسرة. وأبى إلا أن يستمر في استدعائي وإبداء ملاحظاته. وحدث فيما بعد أن كُلفت بالمشاركة في تقديم برنامج صباح النور من إعداده وتقديمه. وهنا كان الرعب الحقيقي؛ إذ لم أنسَ أبدًا حتى بعد أن استقام أدائي الإذاعي أن الأستاذ يمتلك ذائقة المعلم والناقد وأيضًا الناصح الأمين. أتوقف هنا عند شخصية الأستاذ عبدالله القيادية، وحرصه على الكمال ودقته المتناهية حتى مع نفسه من حيث الإلقاء وإعداد النصوص الإذاعية وانضباطه في تنظيم وقته وإدارة العمل في مختلف المناصب التي تولاها.. لم يتغير أسلوب الأستاذ في العمل حتى الآن؛ فهو ما زال يعد برنامج (نور الإيمان)، وأيضًا برنامج (وبالأسحار هم يستغفرون) بالتناوب مع الإذاعي الكبير الأستاذ أمين قطان. أتمنى أن يقتدي شباب المذيعين بشخصية الأستاذ عبدالله راجح الذي كان العمل الإذاعي بالنسبة له عشقًا والتزامًا، حرص على أن يؤديه بصدق وأمانة وإخلاص. تحية من القلب لأستاذنا الجليل، وتمنياتي له بالعمر المديد مع الصحة والعافية. ** ** دلال عزيز ضياء - مديرة إذاعة جدة سابقًا