قال باحث في الآثار والتاريخ المعاصر والرسوم الصخرية، إن المملكة تملك مفتاح حل عدد من القضايا التاريخية والأثرية الملحة، لحقبة ما قبل التاريخ. واعتبر الدكتور العباس سيد أحمد بجامعة دنقلا بالسودان، في جلسة «آثار ما قبل التاريخ والرسوم الصخرية»، في ملتقى آثار المملكة، أن المملكة تحمل مفتاح الحل لكثير من القضايا الملحة لحقب ما قبل التاريخ، بحكم موقعها الجغرافي في إطار الجزيرة العربية ووسطها الإقليمي، إذ إن الموقع حكم عليها أن تكون المعبر للهجرات البشرية المبكرة من شرق إفريقيا إلى قارات العالم القديم، وهو ما وضع على كاهلها مهمة البحث في أمور عدة. وقال أحمد إن الجزيرة العربية ظلت إلى وقت قريب خارج الخريطة الآثارية العالمية بحكم ظروف تاريخية قادت إلى شح العمل، وبذلك ظلت الكثير من قضايا حلقات الماضي الحضاري الخاصة والعامة تشكل علامات استفهام. وكشف المشاركون في الجلسة عن العمق التاريخي والامتداد الحضاري للمملكة في حضارات العالم القديم، مستشهدين بذلك بمجموعة من النقوش والرسوم الصخرية القديمة والتي تعكس تطور الحضارة الإنسانية من خلال ما تقدمه من صور أدوات وحيوانات وممارسات الحياة الإنسانية. وأقيمت الجلسة بمكتبة الملك عبدالعزيز بالرياض ضمن المؤتمر العلمي المقام على هامش الملتقى الأول لآثار المملكة العربية السعودية، والذي يستمر حتى اليوم. وأثنى أستاذ الآثار بجامعة الملك سعود رئيس الجلسة الدكتور أحمد الزيلعي، على جهود الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، في دعم العمل الأثري بالمملكة والحفاظ على الإرث التاريخي والحضاري للمملكة منذ عصور ما قبل التاريخ، معتبراث أن الملتقى فرصة لتقاطع الأفكار مع الباحثين الأثريين والتاريخيين من مختلف دول العالم. بدورها، قالت أستاذ الآثار بجامعة يورك البريطانية الدكتورة روبن انغيلز إن المملكة على رغم أن لديها مساحة شاسعة تقارب قارة، وتعد ملتقى لطرق التجارة القديمة، إلا أن الرسوم الصخرية فيها لم يدرس منها إلا القليل، وهي تملك كماً كبيراً من النقوش والرسوم الصخرية التي تمثل مفتاحاً لكيفية فهم عبور الإنسان القديم إلى القارة الأفريقية. وبعنوان «الشّرك الراجم أداة فريدة من أدوات ما قبل التاريخ في الجزيرة العربية» قدم أستاذ الآثار بكلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود بالرياض الدكتور عبدالرزاق المَعْمَري، ورقة بحثية عرض خلالها أدلة عن استخدام الشرك من خلال الفن الصخري في المملكة، مثل أنواع الشرك، وأدواته، وكيفية عمله، وتطور امتداده التاريخي في الصيد. وأضاف أن تسلسل تطور الشرك في الرسوم الصخرية يُعدُّ مؤشراً على أن الفكرة يمكن تَتبُّعها أثرياً، بدءاً بظهورها، وتطورها وتحولها إلى أفكار أخرى أكثر تطوراًَ وتعقيداً، وفق شروط جديدة، وهو ما يعكس تغير الوسط البيئي في المنطقة ورقي الإنسان الذي يستعمرها. بدوره، قال رئيس قسم التحرير بالاتحاد الدولي لمنظمات الفن الصخري روبرت بيدناريك إنه يمكن دراسة التسلسل الزمني التقليدي للفن الصخري في المملكة في ضوء مشروع التعارف العلمي المستمر لهذه المجموعة الواسعة المنتشرة للفنون الصخرية، ويمكن عرض ومناقشة النقوش والرسوم من خلال استخدام الكربون المشع والألوان لبيان التواريخ والمعلومات التي تحويها، وتقديم تفسيرات ذاتية عن مراحل حضارية قديمة شهدتها المملكة. وفي كلمته قدم عالم الآثار بالهيئة العامة للسياحة الدكتور مجيد خان الدكتور مجيد خان مجموعة من الصور للرسوم الصخرية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة، والتي تعود إلى آلاف السنين، ويرجع أحدثها إلى قبل 900 عام من الوقت الحاضر، ويظهر من خلالها تطابق الأزياء الرجالية والنسائية الحديثة مع الموجودة على الصخور، مؤكداً أن تطابق الأزياء القديمة الموجودة على الصخور مع التصميمات المستخدمة حديثاً يثبت أن المملكة كانت المركز القديم للنشاط الإنساني في العالم القديم، وأنها تتخطى فكرة أنها مجرد مكان لعبور طرق التجارة والقوافل. وتحدث عالم الأنثروبولوجيا بجامعة إسلام أباد الدكتور ذو الفقار علي كالهورو عن الامتداد التاريخي لحضارات المملكة إلى مناطق شرق آسيا، وتحديداً في بلاد السند والهند، مستشهداً على ذلك بتماثل صور الجمال الموجودة على الرسوم الصخرية في المملكة ونظيرتها في باكستان، موضحاً أن الجمل العربي ذي السنام الواحد والسنامين تم رصده في الرسوم الصخرية بجبال باكستان.