حسمت أمانة الرياض الأمر، لما تم تداوله مؤخراً حول حقيقة منع تشغيل الموسيقى في المطاعم والمقاهي داخل المراكز التجارية, موضحة بأنَّ المنع يخص مركزاً تجارياً محدداً, وجاء بناءً على اعتبارات محددة. وطالما أن -لا مُشاحة- في استخدام الموسيقى بالشكل المتوافق عليه, فإنَّني أهمس في أذن أصحاب هذه المنشأت بعدم ترك الاجتهاد في المسألة للعاملين, وتبعاً لأذواق ورغبات بعض الزبائن العابرين, حتى لا يتم استخدام الموسيقى الخاطئة في المكان الخاطئ, لتعطي نتائج خاطئة ومزعجة ومنفِّرة لرواد هذه الأماكن, وأن يكون هناك قائمة خيارات مُحدَّدة من الموسيقى المسموح تشغيلها في حال لم ينجح المركز التجاري أو المطعم والمقهى في الحصول على موسيقى خاصة به تتوافق مع شخصيته وهويته, وهنا يفضل ألا يكون نوع الموسيقى صاخباً, ولا صوتها مرتفعاً, بل تكون في الخلفية بشكل هادئ لا يقطع الحوارات بين الأشخاص الموجودين, ولا يشتِّت الانتباه, مع ضرورة احترام رغبة بعض الزبائن وحقهم في الحصول على مساحة كافيه من الهدوء, بخفض صوت الموسيقى عند الحاجة, ولتجنب الحرج يفضل أن يكون مستوى الصوت في الأصل غير مزعج أو طاغٍ على الجو العام في المكان, جامعة كينتاكي الأمريكية توصلت إلى أنَّ حركة الناس وطريقة تسوقهم بشكل سريع يأتي تبعاً لاستماعهم لموسيقى ذات إيقاع سريع في المول, وأنَّ الموسيقى الهادئة تجعلهم يتسوقون ويتحركون ببطئ أكثر. عالمياً هناك سيكولوجيا معروفة لاستخدام الموسيقى المُسجلة في المطاعم والمقاهي, خصوصاً في تلك التي لا تجلب فنانين للعزف مباشرة أمام الزبائن, وهذه ثقافة يوليها أصحاب تلك المنشأت اهتماماً ينافس الديكورات والألوان ولا يقل عن اهتمامهم بنوعية الطعام والشراب الذي يقدمونه, كما أنَّ هناك دراسات علمية كثيرة تؤكد تأثير الموسيقى من الناحية التسويقية, وارتباطها في ذهن الزائر تبعاً لنوعية الطعام ومناسبتها له (هندي, إيطالي, أمريكي, تركي, صيني...) ليعود مرة أخرى ويشعر بالألفة مع المكان وربما استعاد شيئاً من الذكريات والمشاعر مع أشخاص غائبين شاركوه تلك الزيارات السابقة, ليبقى أطول مدة ممكنة, كما أنَّ نوعية الموسيقى كلما كانت عالمية وراقية لا يستمع لها سوى النخبة من أصحاب الذوق الرفيع, فإنَّها ستشعر الزبون بالرفاهية والأهمية -عندما تأتي دون صوت المُطرب بالطبع- وهو ما ينعكس على الفاتورة التي سيدفعها في نهاية المطاف. تجربتنا حديثة في هذا الجانب, قليل من المطاعم والمقاهي لدينا تولي عناية بنوعية الموسيقى وفق ما سبق, الغالبية العظمى -من خلال تجربتي على الأقل- تُجبِرك على سماع أغاني شعبية صاخبة كاملة, على طريقة (سمِّعنا يابو رايش.. عجيب عجيب.. ورا ورا) وهو ما يجعلها بيئة طاردة لا جاذبة. وعلى دروب الخير نلتقي،،،