ما يجري في الهلال هذه الأيام محيرٌ للغاية، الإصابات تلاحق لاعبيه، أخطاء مدربه تتواصل، غياب نجومه أصبح أمرا عاديا، انخفاض المستوى ظاهر، النقاط تتسرب منه بشكل غريب، ما زال يتصدر الدوري، لكنه إلى فقدان اللقب أقرب، خاصة أن المنافسين اقتربوا كثيراً، وعملوا كثيراً، وما زالت الدقائق طويلة على الهلاليين، والعمل لا يتم بالسرعة التي يريدها أنصار الفريق. هل ثقلت همة إدارة الهلال، وخف حماسها، ورأت أنها لن تستطيع أن تذهب إلى أبعد مما وصلت إليه؟ يثق الهلاليون كثيراً في الأمير نواف بن سعد، في الموسم الماضي اتفقوا على أنه أحد أهم ثلاث شخصيات تولت رئاسة النادي، الرجل قدم الكثير وعمل الكثير وضحى بالكثير وخسر أيضاً من أجل يربح الهلال ويتقدم ويصبح على مسافة بعيدة بينه وبين منافسيه. بداية الموسم كانت مثالية للهلال، ما من شيء يكدر صفو ناد حقق لقبين وتأهل لثمن النهائي الآسيوي، ورغم البداية الضعيفة والاستعداد الذي لا يُناسب متطلبات مرحلة تحتاج إلى التركيز في اتخاذ القرار، وجاء التعاقد مع ماتياس ليشرع باباً مغلقاً أمام الإدارة، وسط احتجاج وتحذيرات مسموعة من أعداد من الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، والمتابعين لما يدور في ملاعب العالم، وثبت فشل اللاعب، وخسر الهلال خانة في القائمة الآسيوية، وخسر لاعباً يمكن أن حقق ما يبحث عنه الهلاليون. باب انتقاد الخيارات الهلالية ظل مفتوحاً، وبقي اللوم يلاحق الإدارة بعد كل تعثر، ولم يكن الخيار المتأخر ريفاس في وضعية فنية تسمح بالتعويض وتحقيق الإضافة، وجاءت إصابة ادواردو لتزيد من حجم الغضب الأزرق ولتزيد الطين بلة والعلة علة!! صدارة الدوري كانت ساتراً أمام الرأي الجماهيري في الإدارة، وفرصة الفارق الواسع جعلت البعض هادئاً أمام التراجع الفني الملحوظ للفريق، لكن خسارة وتعادلات متتالية قلصت كل شيء، وما كان في الأمس همساً، أصبح من بعده علانية، فقد ظهر أن الهلال يعاني بالفعل، يحدث ذلك كله والإدارة تتسلح بهدوئها المعهود، ولا أحد في المدرج الأزرق المتلهف لهلاله يعرف: هل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة؟ أم هدوء الاعتراف بالفشل والتشبع والوصول إلى حافة نقطة معينة ترى الإدارة أنها لا تملك الأدوات الكافية لتجاوزها!! الفترة الشتوية فتحت المزيد من الأبواب أمام الأسئلة الساخنة: يعرف الهلاليون أن ادواردو مصاب، وأن ماتياس لن يبق وأن ريفاس يجب أن يحضر له بديل مناسب، لكن الأيام تصرَّمت والناس توقع وتدعم، والمفترض - وعطفاً على الحاجة - أن البدلاء قد شاركوا في المباراتين الأخيرتين على الأقل، ولكن: ما زال الهلال يقلب في ملفات اللاعبين الأجانب بحثاً عن صفقة مناسبة!! الهلال جزء من هذا الكون، ولن يكون في معزل عن دورات الحياة والنجاح والفشل فيه، شأنه شأن غيره: لا بد أن يمر الفريق بمراحل قوة ومراحل ضعف، فما من شيء يدوم على حال، لكن لكل شيء سبب، والهلاليون يريدون من إدارة ناديهم أن تكون صادقة معهم ، وأن تضع الحلول المناسبة لإنقاذ فريقهم من هذا التراجع الحاد، والتأخر في التعاقد مع البدلاء. أعود إلى القول إن الهلاليين يثقون برئيس ناديهم، وهي ثقة نابعة من نجاحات وتجارب سابقة، وكلهم أمل أن تستمر هذه الثقة، وأن تتعزز بنجاحات إضافية جديدة، وأن لا يخدشها فشل أو تعثر أو تأخر عن الركب. الهلاليون قد يجاملون في أي شيء إلا ناديهم، وقد يختلفون على أي شيء في كرة القدم إلا الهلال.. هذه ثقافة الهلال، وهذا ما يتفق عليه الهلاليون عبر الزمن، وهو أحد وأهم أسباب نجاحه واستمرار تألقه وحضوره وثباته في عالم منافسة مثير، يتغير فيه المنافسون بشكل دائم.