كتب الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير هذه الصحيفة يوم الخميس الماضي مقالاً مؤثراً حول ما تعانيه الصحافة السعودية بصورة عامة من انحسار مواردها، والتي كانت توفرها الإعلانات وتنامي مصاريفها بصورة تهدد قدرتها على الاستمرار في تأدية رسالتها الوطنية والحضارية، وفي ختام مقاله ناشد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان أن يجدا مخرجاً للصحافة من الوضع الحالي الذي تمر به، وفق رؤية تنسجم مع متطلبات رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 وبما يجعلها قادرة على أن تمارس دورها الصحفي باقتدار. مقال الأستاذ خالد استثار ردود فعل ونقاشا في مختلف وسائل الإعلام، ومما أثير هو أن الصحافة الورقية باتت في مهب الرياح نتيجة، وأن الصحافة الإلكترونية هي البدل وعلى الصحف السعودية التقليدية أن تتحول إلى صحف إلكترونية حتى تستمر في النشر، وبرر القائلون بهذا أن كثيراً من الصحف العالمية قد تحولت لصحف إلكترونية وابتدعت طريقة ما لتكوين موارد مالية تضمن استمرارها، هذا الكلام صحيح إلى حد ما، حيث إن للصحف الإلكترونية تكاليف ومصاريف لا تقل كثيراً عن الصحف الورقية، فالصحيفة سواء كانت ورقية أو إلكترونية بحاجة لهيئة تحرير وصحفيين وكتاب وإدارة تنفيذية والصحيفة الإلكترونية بحاجة لدعم تقني وسعة موجه اتصال عالية تكفل للمتصفحين الولوج السهل والتصفح المريح، والصحف الإلكترونية أيضًا هي بحاجة للإعلان كأحد أهم مواردها، بالإضافة إلى الاشتراكات، ومعظم الصحف الإلكترونية السعودية والعربية ما زالت تمنح حق الولوج الحر والمجاني لمواقعها الإلكترونية، وهذا يمثل أحد الإشكالات التي تواجهها الصحف الإلكترونية، حيث لا تزال تعتمد على التمويل الذاتي أو الرعاية وقليل منها سوف يستمر في النشر. التحدي الحقيقي للصحافة بصورة عامة هو تعدد وسائل الإعلام وسعيها جميعاً للحصول على الدخل من الإعلان، فالتلفزيون أصبح يستولي على معظم مخصصات الإعلانات التجارية وتعدد قنواته جعل المنافسة شديدة لاكتساب حصص أكبر من الإعلان على حساب وسائل الإعلام الأخرى، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت تستأثر باهتمام الناس مما جعلها منافسا آخر للصحافة في اجتزاء قدر من الحصص الإعلانية، وهذا التنافس الشديد على الحصص الإعلانية توافق مع ترشيد لمخصصات الإعلان لدى معظم القطاعات التجارية نتيجة للتحديات الاقتصادية الراهنة. المؤسسات الصحفية السعودية كما ذكر الأستاذ خالد الملك هي أحد منجزات التنمية السعودية الشاملة وبما لديها من قدرات فنية وتحريرية وبما أتاحت لها الدولة من مساحة في حرية النشر والرأي، أصبحت في مقدمة الصحافة العربية وبات لها حضور يليق بما خطط لها كمنصات إعلامية تمثل المملكة العربية لسعودية وتنشر مواقفها السياسية والثقافية وتمثل المجتمع السعودي ومنجزاته الفكرية، لذا تستحق هذه المؤسسات العريقة لفتة عناية من القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين.