تهشم النظام الإيراني ولم يعد بمقدور هذا النظام إنكار أن ما ستذهب إليه إيران هو ذات ما ذهبت إليه تُركيا بعد محاولة الانقلاب (يوليو 2016م)، ما حدث كان أعمق من مجرد مظاهرات شعبية ضد الفساد الاقتصادي، فشلت كل الحملات الدعائية الواعدة بانتهاء فترة الانكماش الاقتصادي وانخفاض التضخم، لم تعد تلك الدعايات تستطيع تغيير واقع الشعب الإيراني الذي اكتشف أن مئات المليارات التي أفرج عنها بعد الاتفاق النووي (يوليو 2015م) ذهبت لمشاريع الفوضى في البلدان العربية عبر مليشيات تمددت على التراب العربي. في مظاهرات إيران كان الموقف الأمريكي أكثر وضوحاً بانحيازه إلى مطالبات الشعب الإيراني، الرئيس دونالد ترامب ذهب بعيداً بأنه قد جاء وفت التغيير في إيران، مندوبة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة نيكي هيلي نجحت في عقد جلسة استماع لمجلس الأمن الدولي، كانت الولاياتالمتحدة تُدرك مسألة غاية في الأهمية وهي عدم قدرتها على إصدار بيان من مجلس الأمن أو حتى التقدم بمشروع قرار للمجلس ولكن الأمريكيين كانوا يرغبون في كشف الأوراق على طاولة المجلس فقط لا غير. روسيا والصين اعتبرتا جلسة مجلس الأمن تدخلاً في الشأن الإيراني، كان الروس أكثر نقداً للموقف الأمريكي والبريطاني، ذكر المندوب الروسي الحاضرين بذلك الأنبوب الذي رفعه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول مُدعياً أنه يحمل دلالة امتلاك العراق للسلاح الكيماوي، تجاهل المندوب الروسي تدخل موسكو في سوريا، تجاهل الآلاف من القتلى والمشردين في التدخل الروسي في سوريا، حدث ذلك أمام العالم تدخل حدث ولكن ما يجري في إيران تراه روسيا شأن داخلي لا يقبل التدخل فيه. تمايزت مواقف الدول حول المشهد الإيراني، قطر قدمت دعماً مالياً هائلاً وكذلك لوجستياً لدعم النظام في طهران وتثبيت أركانه، قطر أيضاً وعبر «قناة الجزيرة» أدعت بخروج مئات الآلاف من المواطنيين الإيرانيين في ميادين طهران ومشهد واصفهان والأحواز تأييداً للإجراءات الاقتصادية المقررة، «قناة الجزيرة القطرية» لم تتغير بل تغيرت عيونها التي كانت ترى ما يحدث في العام 2011م بأنه ثورات شعبية ملأت ميادين تونس والقاهرة وصنعاء وطرابلس الليبية ودمشق والمنامة. لم تتغير «قناة الجزيرة» بل تغيرت وقائع الحال في إيران، لم يتوقف الأمر عند القطريين وهمّ كبار (سدنة النظام الإيراني) بل إن الامتداد وصل إلى ضفاف البحر المتوسط فعلى مدار ساعتين ونصف تحدث حسن نصر الله على قناة الميادين الممولة من إيران، كان نصر الله متعرقاً مرتبكاً بدت عليه علامات الخوف جراء ما يحدث في شوارع إيران وميادينها، لم يُنكر حسن نصر الله تمويل إيران له ولمليشياته بل أكد أنه يتقاضى راتباً شهرياً مقداره (1300 دولار أمريكي) فقط، استخفاف بالعقول وإهانة لكل أنصار حزب الله تحديداً هذا التلاعب الذي تحدث عنه حسن نصر الله والتقليل من قيمة ما يحصل ومحاولة الظهور في مشهد الزاهد تكذبه المهرجانات الضخمة التي تحظى بها الضاحية الجنوبية من بيروت، تكذبه حروب حزب الله ومعاركه الخاسرة مع إسرائيل وحجم التسليح، تكذب نصر الله وجوده في سوريا عبر الآليات العسكرية والجنود المنتشرين في الأرض السورية، تُكذبه حقائق وجود الخبراء العسكريين في صنعاء دعماً لمليشيات الحوثي الإيرانية. لا يتوقف الأمر عند حسن نصر الله والقطريين بل حتى عند الأتراك الذين ظهر زعيمهم رجب طيب اردوغان مُلتزماً سياسياً بالدعم المُطلق للنظام الإيراني في مواجهة مطالبات الشعب ضد الفساد والفقر والبطالة، الموقف التركي كان واحداً من أهم المواقف المهمة لتدعيم أركان النظام الإيراني، فالرئيس اردوغان يُدرك أنه يواجه ذات المعضلة فالشرخ الذي حدث في تركيا يراه في إيران، المعالجات الأمنية التي ما زالت قائمة في تركيا ضد كل المعارضيين السياسيين لم تنجح في إعادة تركيا إلى ما قبل محاولة الانقلاب بل تزداد كل يوم الهوة بين النظام التركي ومعارضيه. الذين وقفوا دعماً للنظام الإيراني سواء من الإقليم أو حتى من الاتحاد الأوروبي يرتبطون بمصالح سياسية واقتصادية جعلتهم يقفون ضد حق الإنسان الإيراني المظلوم منذ 1979م، كان جديراً مساعدة الإيرانيين وما زال ممكناً الإسهام الدولي ليحاول النظام تغيير سياساته تجاه شعبه ومحيطه، هذا هو المطلوب منهجياً كما أن المطلوب من سَدنّة النظام الخُمينيّ أن يصمتوا فلقد كُشفت الوجوه وظهرت الحقائق كاملة، فالشعارات التي بها انتهكت حقوق الإنسان في سورياوالعراق واليمن وليبيا سقطت عندما رفعها الشعب الإيراني ضد نظامه السياسي الاستبدادي.