يوم بعد آخر تثبت قطر كنظام سياسي وذراعها الإعلامي «قناة الجزيرة» صحة ما ذهبت إليه دول الرباعية العربية بالمقاطعة، لم يترك النظام القطري فرصة للمتعاطفين معه بمساعدته يُصرّ النظام القطري على الغرق أكثر وأكثر في مستنقع الفوضى، يضع قدماً في محور إيران وأخرى في محور تُركيا، حالة من التخبط والارتباك هي النهج الذي يعيش فيه النظام القطري منذ انقلاب حمد بن خليفة آل ثاني في 1995م. ليس من المستغرب أن ينحاز النظام القطري إلى إيران في مواجهة الشعب الإيراني الذي خرج في انتفاضة ضد فساد السلطة الإيرانية وهي ذات المُسببات التي وقفت معها قطر وسخرت لها كل إمكانياتها عندما هبّت على العالم العربي رياح الفوضى، تونس كانت أولاً ثم مصر وتبعتهما اليمن وليبيا فوضى 2011م كانت قطر هي العامل الأكثر حضوراً ولم يُخف ذلك تميم بن حمد أمير قطر بل بالعكس هو يفتخر بالدور القطري فيما ادعاه أنه ساند الشعوب العربية في ثورثتها ضد الفساد، غاب هذا المنطق المبدئي لحاكم قطر تميم بن حمد في مساندة الشعب الإيراني تماماً كما غاب من قبل في مساندة الشعب التُركي. ليس من المستغرب هذا الموقف المضطرب من نظام تميم بن حمد بل هو موقف طبيعي تماماً ويؤكد أن النظام القطري يُعاني اختلالاً حقيقياً، وهنا أتذكر حديثاً لوزير الخارجية الأسبق حمد بن جاسم قال فيه إنه من حق قطر أن تُشكل محوراً خاصاً بها، في ذلك الوقت آثار المتابعين ذلك المنطق فتجاهل الحالة الجيوسياسية لدولة قطر هو كارثة، والنظر إلى دولة قطر أنها تمثل جغرافية كبيرة هي غباء، واعتبار النفوذ السياسي لدولة صغيرة هو جهل مُركب، ذلك المنطق الأعوج هو الذي جعل قطر في حالة (توهان) فبينما يعتقد النظام في الدوحة أنه يمتلك محوراً سياسياً خاصاً به يؤثر على الآخرين من خلاله يكتشف أنه واقع بين محورين عزمي وإيراني يتقاذفانه ولكأنه كرة قدم يُلقي بها كل لاعب إلى الآخر. خرجت «قناة الجزيرة» القطرية لتكذب على ما تبقى من مشاهديها الضئيل، خرجت لتقول إن مئات الآلاف من الإيرانيين يتزاحمون في شوارع طهران ومشهد وقمّ وتبريز واصفهان وكرمنشاه مؤيديين للولي الفقيه، جموع المواطنين الإيرانيين يحتشدون تحية لسياسات الرئيس روحاني، دجل وكذب مارسته «قناة الجزيرة» كما فعلته من قبل في القاهرة وطرابلس وتونس ودمشق وصنعاء وغيرها من العواصم العربية التي لعبت فيه «قناة الجزيرة» دور النافخ في النار التي أحرقت ودمرت وشردت وقتلت ملايين من المظلومين. المؤكد أن لا أحد في قطر أو من خلايا عزمي كان يتوقع أن تتعرض إيران لموجة من المظاهرات الشعبية الجارفة بسبب الفساد والتدخلات الإيرانية في شؤون الآخرين، حاولت إيران وعبر أذرعها الإعلامية فيما يسمى محور المقاومة عبر عقود من الزمن التعريف بأن إيران هي ضمير للشعوب المضطهدة وأنها المناصرة للقضايا العادلة، كل هذا تلاشى مع خروج الشعب الإيراني في معقل النظام المذهبي مدينتي مشهد وقمّ، هنا تأتي التخبطات تخرج «قناة الجزيرة» ومعها ملايين الذُباب الإلكتروني في محاولة انقاذ يائسة لنظام بائس، لا وجود لمقارنة بين ما فعلت أذرع قطر مع البلاد العربية وما فعلته مع إيران، ذلك ما نردده دائماً عن نظام قطر أنه نظام مضطرب يعيش اضطراباً سلوكياً يجعله يعيش متخبطاً دائماً. كشفت مظاهرات إيران 2018م حقيقة التوافق الإيرانيالقطري التُركي فلم يعد يخفى على مراقب لتحركات الثلاث جهات هذا التوافق المبدئي، فلقد قدمت قطر دعماً مالياً ولوجستياً لنظام إيران لقمع التظاهرات، كما قدمت تُركيا التزاماً سياسياً لدعم الإيرانيين، تلعب قطر بين المحورين التركي والإيراني وتقدم نفسها بينهما بالشكل الذي يؤطر دعم النظام القطري لمساعي أنقرةوطهران التوسعية في المنطقة العربية. تسخير الأموال والإمكانيات لدعم المشاريع المناهضة للعرب يضع قطر في موقع الاتهام الذي تقبع فيه بالأدلة والوقائع فلم يتوقف أو يتراجع دور الدوحة حتى مع المقاطعة العربية لها حتى بعد أن وقعت مع الولاياتالمتحدةالأمريكية مذكرة التفاهم بشأن وقف تمويل الإرهاب، فدعم النظام في قطر السياسي والاقتصادي والإعلامي لإيران يعزز أمام المجتمع الدولي كذب وبهتان النظام القطري الذي يعمل بتصميم كبير على دعم الإرهاب والتطرف وهو ما يتمثل في دعم قطرللإيرانيين ضد الشعب، لم يُعد هذا النظام القطري يخجل من الكذب والتلاعب بل تحول إلى داعم صريح للأنظمة الاستبدادية غير مكترث بعشرات الالتزامات التي وقعها وعاد ليتنكر لها.